للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المخالفة ولكن علمنا أنه خالف ما رواه عمدا فالرجوع هنا إلى قوله لأن الظاهر أنه لا يرتكب مثل هذه المخالفة إلا لمسوغ يقتضي مخالفة ما رواه.

وإن خفي عنا أن المخالفة وقعت عمدا أو لسبب من الأسباب ولم نحط به علما فالواجب اتباع الخبر وترك ما ذهب إليه الصحابي الراوي» (١).

ويقف الإمام القرافي من المسألة، أن لا يؤخذ هذا في كل الأحوال فقال: «هذه المسألة عندي ينبغي أن تُخصص ببعض الرواة، فتُحْمل على الراوي المباشر للنقل عن رسول الله حتى يحسن أن يقال هو أعلم بمراد المتكلم … حتى يحسن أن يقال: فيه لعله شاهد من القرائن الحالية أو المقالية ما يقتضي مخالفته، فلا تكون المسألة على عمومها» (٢).

مثاله: أخرج البخاري:

«عن عائشة قالت الصلاة أول ما فرضت ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر قال الزهري فقلت لعروة ما بال عائشة تتم قال تأولت

ما تأول عثمان» (٣).

بين الكرماني أن الحنفية استدلوا من حديث السيدة عائشة ، على وجوب قصر صلاة المسافر (٤)، فرد عليهم وقال: «لادلالة فيه لأنهم لو كان


(١) إجمال الإصابة في أقوال الصحابة، ١/ ٩٢ - ٩٣، صلاح الدين العلائي، وينظر كلام أبي الحسنات عبد الحي اللكنوي، في كتابه الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة، ص ٢٢٣.
(٢) شرح تنقيح الأصول، القرافي، ص ٣٧١.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب: التقصير، باب: يقصر إذا خرج من موضعه، رقم (١٠٣٣).
(٤) شرح مختصر الطحاوي، لأبي بكر الرازي الجصاص، ٢/ ٩١. وقال الجمهور بعدم وجوب قصر الصلاة في السفر، وأن الأصل هو الإتمام، والقصر رخصة، والقصر سنة عند المالكية، والقصر أفضل عند الشافعية، والحنابلة ينظر: مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، شمس الدين، شمس الدين الحطاب الرُعيني، المجموع، النووي، ٤/ ٣٢١، الكافي في فقه الإمام أحمد، ابن قدامة المقدسي، ١/ ٣٠٩.

<<  <   >  >>