للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي المرحلة الثالثة كانت مرحلة تجريد الحديث النبوي عن غيره من أقوال الصحابة والتابعين، وكانت هذه الفترة ترجع إلى أثناء القرن الثالث والرابع الهجريين، وفيها كثر تدوين الحديث على طريقة المسانيد، كمسند الإمام أحمد، وظهرت في هذه المرحلة الأصول الستة التي عليها التعويل عند أهل السنة والجماعة، وهي: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، وجامع الترمذي، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجه، ولم ينتهِ القرن الرابع حتى كاد الحديث النبوي تستوعب أسانيده ومصنفاته إلا ما شذ وندر، ثم جاءت مرحلة التهذيب والترتيب التي تهتم بالتبويب والجمع والتفريق بين المصنفات، أو الاختصار (١).

هذا وقد لقيت هذه المصنفات عناية كبيرة في الشرح والاختصار بعد القرن الرابع، فكثرت شروح الصحاح والسنن والمسانيد، وكان من أعظم ما عُني به حفظاً وشرحاً واختصاراً، صحيح الإمام البخاري، (ت ٢٥٦ هـ)، الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله ﷿ (٢)، فلا نجد مُصنفاً تناوله العلماء بالشرح والبيان،


(١) ينظر: الإيضاح في علوم الحديث والاصطلاح، أ. د مصطفى الخن، ود. بديع السيد اللحام، ص ١١ - ١٥.
(٢) قال إمام الحرمين الجويني (ت ٤٧٨ هـ): لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في كتابي البخاري ومسلم مما حكما بصحته من قول النبي لما ألزمته الطلاق، ولاحنثته، لإجماع علماء المسلمين على صحتهما، (صيانة صحيح مسلم، ابن الصلاح، ص ٨٦، ونقل ابن الصلاح كذلك كلاماً مشابهاً لقول الجويني للحافظ أبي نصر الوايلي السجزي (ت ٤٤٤ هـ) في معرفة أنواع علم الحديث، ص ٢٦.
وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى: «اتفق العلماء على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم وتلقتهما الامة بالقبول»، ينظر: شرح مسلم، ١/ ١٤.

<<  <   >  >>