للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن العبرة في ذلك ترجع إلى التمييز والضبط، وقال القاضي عياض (١) معلقاً على هذا الحديث: «وقد حدد أهل الصنعة في ذلك أن أقله سن محمود ابن الربيع» (٢).

ولم يكن مذهب الإمام البخاري بعيداً عن رأي علماء الحديث في السن المعتبرة في التحمل فقد أخرج أيضاً في: «باب متى يصح سماع الصغير».

«عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْبَلْتُ رَاكِباً عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلَامَ، وَرَسُولُ اللهِ يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيَّ» (٣).

فقد ذكر الكرماني ونقل عن العلماء جواز مرور الصبي الصغير بين يدي المصلي، من دون سترة مستدلين «برواية ابن عباس وإنما تحمّله في الصبا فَعُلم منه قبول سماع الصبي إذا أداه بعد البلوغ» (٤) فعُلم من كلام الكرماني أن مذهبه


(١) عياض بن موسى بن عياض، القاضي أبو عبدالله اليحصبي السبتي، عالم المغرب، وإمام أهل الحديث والنحو واللغة في زمنه، له: الإلماع، ومشارق الأنوار، (ت ٥٤٤ هـ)، ينظر: شجرة النور الزكية، محمد مخلوف، ١/ ٢٠٥، ووفيات الأعيان، ٣/ ٤٨٣.
(٢) ينظر: الإلماع، القاضي عياض، ص ٩٤، علوم الحديث لابن الصلاح ص ١٢٩ وتدريب الراوي ١/ ٤١٥. ومنهج النقد ٢١٠ - ٢١٣.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب: العلم، باب: متى يصحُّ سماعُ الصّغير، رقم (٥٧).
(٤) الكواكب الدراري، ٢/ ٥٠.

<<  <   >  >>