وأخرج ابن أبي حاتم وغيره عنه قال: من حيث جاء الدم من ثمَّ أمرت أن تأتي، فقيل: كيف بالآية: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾، قال ويحك وفي الدبر من حرث؟ (١) لو كان ما تقول حقاً لكان المحيض منسوخاً إذا شغل من ههنا جئت من ههنا، ولكن ﴿أَنَّى شِئْتُمْ﴾ من الليل والنهار (٢).
وأخرج ابن جرير عنه قال يعني بالحرث الفرج ومن طريق عكرمة عنه قال: الحرث موضع الولد.
واستدل ابن عمر بالآية على إباحة الوطء في الدبر، وقال: إنما نزلت رخصة فيه (٣)، أخرجه البخاري وغيره، وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري (٤).
وقال الطحاوي: روى أصبغ بن الفرج عن عبد الرحمن ابن القاسم قال: ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال، ثم قرأ الآية، قال: أي شيء
(١) استدل به بمفهوم جواز اتيان الحرث، عدم جواز إتيان الدبر؛ لأنّ الحرث والزرع مكانه القبل.
(٢) لأنّ ﴿أَنَّى﴾ أداة شرط تأتي للزمان كما تأتي للمكان.
(٣) ربما خصوا الرخصة حال كون المرأة حائضة
ومأخذه: ما سبق في عموم ﴿أَنَّى﴾ للمكان، لكن قول الصحابي، عُورض بقول ابن عباس فلا حجة فيه، وهي من اجتهاده لا روايته؛ لذا قال ابن عباس كما عند أبي داود «إنّ ابن عمر وهم، والله يغفر له»، كيف وقد ورد أن عمر بن الخطاب ﵁ جاء إلى النّبي ﷺ فقال: يا رسول الله «هلكت: حولت رحلي البارحة، فأنزلت هذه الآية ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ أقبل وأدبر، واتق الدبر والحيضة». أخرجه الإمام أحمد (١/ ٢٩٧) والترمذي (٥/ ٢٠٠) من وجه صحيح.
(٤) يريد قول أبي سعيد الخدري: «أن رجلًا أصاب امرأته في دبرها، فأنكر الناس ذلك عليه، وقالوا: أبعرها، فأنزل الله ﷿ هذه الآية».
والشاهد ضعيف، وهو معارض بما صحّ في سبب نزولها من قول جابر ﵁: «كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ رواه البخاري في كتاب التفسير.