• قوله تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ﴾ الآية.
فيه أن العافي إذا قتل بعد العفو يقتص منه، وأخذ جماعة من الآية تحتم قتله وأنه لا يصح العفو عنه (١).
• قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ [١٨٠]
هذا منسوخ (٢) كما تبين في كتاب الناسخ والمنسوخ، وقيل محكم خاص (٣) بمن لا يرث من الوالدين كالكفار والأقربين المحجوبين، واختلف أصحاب هذا القول هل الوصية لهم واجبة لقوله: ﴿كُتِبَ﴾ و ﴿حَقًّا﴾، أو مندوبة لقوله: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ (٤).
(١) لأنّ الله توعده بعذاب أليم، على القول بأن العذاب الأليم هو القتل، وورد في الحديث المرسل عن قتادة «لا أعافي أحدًا قتل بعد أخذ الدية»، وهو يعتبر جانيًا عمدًا أو أشبه الجاني ابتداءًا.
(٢) واختلفوا في الناسخ، فقيل: آية المواريث ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ قاله ابن عباس وغيره، وقيل حديث «لا وصية لوارث» ورجحه الجصاص.
(٣) رجح الطوفي التخصيص؛ لأنّ التخصيص أيسر من النسخ، فكان التزامه أولى، وفيه جمع بين الأقوال، ويشترط في النسخ عدم إمكانية الجمع، وهنا ممكن.
(٤) قال ابن الفرس في أحكام القرآن (١/ ١٧٨): لأنّ الواجب لا يقال فيه أنه معروف
قلت: لعله نظر إلى أن المعروف يقع في الغالب على الزائد المتفضل من الأعمال، كقولهم: (اصنع معروفًا، واحمل عني) ومما يؤيد كون الوصية في الآية على الندب. كون الشارع قيدها بالمتقين ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ والواجبات لجميع الناس، ولا يختص المتقون فيها عن غيرهم.
وأجيب: بأنّه للتأكيد كما سيأتي.
ومما يؤيد كونها للندب في حق غير الورثة، أن الواجب إذا نسخ بقي الاستحباب، ذكره الموزعي في تيسير البيان (١/ ٢١٩).
وأما تأكيد الاستحباب من خارج الآية؛ فلأن أكثر الصحابة لم ينقل عنهم وصية، أي تركت من غير نكير، كما أنها عطية، لا تجب في الحياة، فلا تجب بعد الموت، كعطية الأحياء.
لكن العلماء لم يسلموا دلالة المعروف هنا على الندب؛ لأن المعروف معناه هنا العدل الذي لا شطط فيه، لقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ ولا خلاف في وجوب الرزق والكسوة.
ذكر المعروف هنا ليؤكد وجوب الوصية، إذا كان جميع أوامر الله معروفًا غير منكر، فضد المعروف المنكر، وما ليس بمعروف منكر.