وفي بقية الآية دليل على مزية العلم، وأنه شرط في الخلافة (١)، وفضل آدم على الملائكة (٢).
قال الإمام: لما أراد الله إظهار فضل آدم على الملائكة لم يظهره إلا بالعلم، فلو كان في الإمكان شيء أشرف العلم لكان إظهار فضله بذلك الشيء لا بالعلم، وكذلك أمر الملائكة بالسجود له لأجل فضيلة العلم (٣).
قلت: ويؤخذ من هذا استحباب القيام للعالم (٤).
وقال الطيبي: أفادت هذه الآية أن علم اللغة فوق التحلي بالعبادة، فكيف علم الشريعة؟! (٥).
• قوله تعالى من الآية: ﴿أَبَى﴾.
رد على الجبرية؛ إذ لا يوصف بالإباء إلَّا من هو قادر على المطلوب (٦).
(١) وهو شرط صحة عند الجمهور إلّا عند فقد المجتهد، وأمّا الحنفيّة فهو شرط أولوية.
ولعل مأخذ الحكم: دلالة الإيماء، واقتران الحكم بجعله خليفة، بالوصف، وهو تعليمه الأسماء، فدّل على كونه شرطًا في الخلافة.
(٢) منها: اختصاصه بعلم الأسماء، وسجود الملائكة له، والسجود كان نوع من أنواع التّحية لمن يستحق التعظيم والإكرام في الأمم السابقة، ثم نسخ بجميع صوره لغير الله بقوله ﵇: «ما ينبغي لأحدٍ أن يسجد لأحدٍ، ولو كان أحدٌ ينبغي له أن يسجد لأمرت المرأة تسجد لزوجها لما عظم الله عليها من حقه» رواه أحمد وحسنه الألباني.
(٣) مأخذ الحكم: دلالة الإشارة؛ إذ إنّ فضل العلم لم يكن مقصودًا من القصة، وإنّما المقصود منها بيان فضل آدم.
(٤) قلت: لعله بالقياس على السجود بجامع كونهما وسيلة إكرام لمن له فضل.
ولذا فالمجيزون اشترطوا أن يكون له فضيلة ظاهرة من علم أو صلاح، أو ولادة، ويكون على وجه البر والإكرام، لا الرياء والإعظام.
(٥) فضل آدم ﵇ بتعليمه الأسماء وهي من اللغات، على الملائكة أهل العبادة الذين يسبحون الله ليلًا ونهارًا لا يفترون، ثمّ استدل بمفهوم الموافقة الأولوي على تفضيل الشّريعة على العبادة؛ إذ علم اللغة، إنّما هو وسيلة لفهم الشّريعة.
(٦) قال محقق الكتاب ح (٦): أي إن المطلوب هو السجود، فلما أبى أبليس أن يفعل المطلوب منه وهو السجود دلَّ على أنه قادر على السجود، ولكنَّه لم يفعل باختياره، بدليل أن الملائكة سجدوا وهم معه.