• قوله تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [٢٥٣].
استدل به على جواز التفضيل بين الأنبياء والمرسلين، حيث لم يؤد إلى نقص في المفضَّل عليه (١)، والحديث الوارد في النهي عن ذلك محمول على ما إذا خشي منه نقص.
• قوله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [٢٥٦].
فيه دليل على أن أهل الذمة لا يكرهون على الإسلام (٢)، ولا يصح إسلامهم بالإكراه (٣)؛ لأن الآية نزلت فيهم كما أخرجه أبو داود وغيره من حديث ابن عباس.
(١) لظاهر الآية، والتفضيل هنا بالقرب، وبكثرة الأتباع وغير ذلك من جهات التفضيل.
(٢) لأنّ الآية خبر بمعنى: النهي
وذكر المؤلف أهل الذمة؛ لأنّ الآية نزلت فيهم كما ذكر المصنف، وسبب النزول: ما ذكره ابن عباس من أنّ المرأة تكون مقلاةً - أي: لا يعيش لها ولد- فتجعل على نفسها، إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما أجلبت بنو النضير، كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا: «لا ندع أبناءنا، فأنزل الله ﷿: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ أخرجه أبو داود (٢٦٨٢)، والنسائي في الكبرى (١١٠٤٩)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (٢٤٠٤).
وفي بعض الروايات: إذ قد فعلنا ما فعلنا، ونحن نرى أن دينهم أفضل مما نحن عليه، وأمّا إذا جاء الله بالإسلام فنكرههم عليه، ونقل عن مجاهد قوله: إنّه كان سبب كونهم في بني النضير: للاسترضاع.
ينظر: تفسير الطبري (٤/ ٥٤٧، ٥٥٠)، والدر المنثور للسيوطي (٣/ ١٩٦).
وأهل الذمة من يعيش تحت الحكم الإسلامي ويدفع الجزية من أهل الكتاب، والمجوس في مقابل بقائهم على دينهم، وتوفير الأمن لهم.
(٣) عند الشافعي خلافًا لأبي حنيفة، وقال ابن الفرس في أحكام القرآن (١/ ٣٨٤): «والخلاف في المسألة مبني على أنّ النّهي هل يدل على فساد المنهي عنه أم لا؟ فإذا قلنا: يدل على الفساد، فليس إسلامهم بإسلام، وإذا لم يكن كذلك فكأنهم لم يسلموا فلهم الرجوع إلى ما كانوا عليه.
وإن قلنا: إنه يدل على الصحة كما قال بعضهم، فالإسلام منعقد تام، فإن رجع عنه قُتل.
وإن قلنا: إنه لا يدل لا على فساد، ولا على صحة كما يذهب إليه المحققون من الأصوليين، فليس في الآية على شيء من ذلك دليل».