للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾.

فيه الإباحة الحلق لعذر (١)، وأن فيه حينئذ فدية (٢)، وأنها مخيرة إما الصوم أو الإطعام أو الدم وقدروا قبل ﴿فَفِدْيَةٌ﴾: فحلق، وأحسن منه أن يقدر: ففعل ما حرم عليه في الإحرام، كما أخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس في قوله: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ قال: إذا أهل الرجل بالحج فأحصر بعث بما استيسر من الهدي فإن هو تعجل قبل أن يبلغ الهدي محله فحلق رأسه أو مس طيباً أو تداوى بدواء كان عليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك، والصيام ثلاثة أيام، والصدقة ثلاثة آصع على ستة مساكين كل مسكين نصف صاع، والنسك شاة إسناده صحيح.

وقال إلكيا: قوله تعالى: ﴿أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ﴾ يفيد أنه لو كان به قروح في رأسه أو جراح واحتاج إلى شدِّه وتغطيته كان حكمه في الفدية حكم الحلق، وكذلك المرض الذي يحوجه إلى لبس الثياب؛ لأنه تعالى لم يخصص شيئاً من ذلك، فهو عموم في الكل (٣).

قال ابن الفرس: وظاهر الآية لا يقتضي تخصيص هذه الفدية بموضع، فيتحمل على عمومها في المواضع كلها (٤) وهو مذهب مالك.

(١) لأنها رخصة، والرخصة فيها استباحة للمحظور.

(٢) لقوله: ﴿فَفِدْيَةٌ﴾ أي: الواجب فدية، وكما قال السيوطي: «وقدروا قبل ﴿فَفِدْيَةٌ﴾ فحلق … إلخ.، ومأخذ التقديرين، ما ذكره المؤلف عن ابن عباس .

(٣) وجه العموم ورد ﴿مَرِيضًا﴾ و ﴿أَذًى﴾ في سياق الشرط، فتعم كل مرض أو أذى، مما ذكره المصنف مما يحوج المحرم لارتكاب المحظور.

(٤) لأنّ الآية أطلقت الحكم، ولم تخصص موضعًا عن موضع، وكذا الإطلاق في حديث كعب بن عجرة، وللقياس على الصيام، فكما أنّه لا يختص بمكان بالاتفاق، فكذلك النسك؛ لأنّها إحدى خصال الكفارة.

ومن قيدها فقياسًا على جزاء الصّيد ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ أو دم المحصر ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾؛ إذ المقصود مساكين الحرم.

<<  <   >  >>