كَسَبْتُمْ﴾ قال من التجارة: ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ قال من الثمار، وعن علي وغيره نحوه، ففيه وجوب زكاة التجارة والثمار (١).
وفي الآية كراهة التصدق بالرديء واستحبابه بالجيد.
قال إلكيا: وأحتج بها أبو حنيفة على وجوب زكاة قليل ما تخرجه الأرض وكثيرة (٢)، وآخرون على كل ما تخرجه الأرض من الحبوب والثمار وغيره حتى البقل (٣).
وقال ابن الفرس: قوله: ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ يعم النبات والمعدن والركاز، وقال: وفيه أن من زرع في أرض اكتراها فالزكاة عليه لا على رب الأرض؛ لأن قوله: ﴿أَخْرَجْنَا لَكُمْ﴾ يقتضي كونه على الزارع.
• قوله تعالى: ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾.
فيه أن صاحب الحق لا يجبر على أخذ المعيب، وله الرد وأخذ سليم بدله (٤).
(١) للأمر في قوله: ﴿أَنْفِقُوا﴾ مع تفسير الصحابة والتابعين.
(٢) أخذًا من عموم قوله: ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ﴾ (ما) اسم موصول، وهو من صيغ العموم.
وقال ابن الفرس في أحكام القرآن (١/ ٣٩١) عن هذا الاستنباط «وهذا بعيد، فإن المراد بيان الجهات التي يتعلق حق الله تعالى بها، وليس ذكر النصاب فيها مقصودًا، ولا بيان ما لا زكاة فيه».
ومثله قال ابن العربي وغيره، وقد بيّن النبي ﷺ النصاب بقوله: «ليس فيما دون خمس ذود صدقة، وليس فيما دون خمس أواق صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة».
(٣) رد بما سبق أن الآية لم تسق لهذا، ولو قيل: بالعموم فهي مخصوصة بقوله ﵊ «ليس في الخضروات صدقة».
(٤) لأنّ المولى أجاز لصاحب الحق الإغماض والتساهل، أو عدم الإغماض، والمطالبة بحقه من الجودة، والنهي عن الإغماض في الصدقة بنهيه عن إعطاء الردئ.
فلما أمرنا بالإنفاق من طيبات ما كسبنا، ونهانا عن تيمم الخبيث، استدللنا بهذا على أن كل خبيث معيب لمرض أو هزال أو غيره لا يجوز إنفاقه، ولا يصح ولا يجزئ للنهي، إلّا أن يكون جميع المال المزكى خبيثًا أو معيبًا، فإننا ننفق منه؛ لأنا لم نتيمم الخبيث للنفقة.