للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• قوله تعالى: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾.

فيه اشتراط العدالة (١)، وأنه لا يكفي مجرد الإسلام (٢)، وأنه لا يقبل المجهول حاله (٣).

وفيه تفويض الأمر إلى اجتهاد الحكام، وجواز الاجتهاد في الأحكام الشرعيِّة (٤).

واستدل بالآية مع قوله: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ على أنه لابد من التزكية أن يقول هو عدل رِضي؛ لأنهما الوصف المعتبر في الشاهد، فلا يكفي ذكر أحدهما، ومن أكتفى به قال: إنه تعالى ذكر كل لفظ على حدة ولم يجمعهما، فدلَّ على أن أحدهما يغني عن الآخر.

• قوله تعالى: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾.

فيه أنه لا تجوز الشهادة لمن رأى خطه حتى يتذكر (٥)، وأن الشاهد إذا قال

(١) لأنّ لفظ الرضى يدل عليه، ومن العلماء من جعل الرضى والعدالة بمعنى واحد.

(٢) لأنّ الرضى أمر زائد على الإسلام.

(٣) وهو الذي لا يعرف بعدالة ولا فسق، والآية اشترطت معرفة عدالته.

(٤) لأنّ محل الرضى اجتهادي، فقد يرى البعض أنّ هذا رَضِي، وآخر لا يراه كذلك.

(٥) أي رأى خطه وعرفه ولم يشك فيه، ومع ذلك لم يعتبر المولى ﷿ نسيان المشهود عليه حتى يتذكر ﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾.

واستدل من قال بالجواز بقوله: ﴿وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا﴾ أي: لا تشكوا.

وقد علم أن النّاس ينسون وبهذا أمرهم، وأمره سبحانه بالكتابة والإشهاد ظاهره يدل على اعتبار الكتابة، حتى ولو نسي الكاتب، ولو كان الكتاب إذا رأه الشاهد لا يشهد حتى يعرف الشهادة لم يكن للكتاب معنى، وصار وجوده وعدمه سواء.

وقيل في هذا الاستدلال نظر؛ لأنّه لعله إنّما أراد بالكتاب لعله يتذكر به.

<<  <   >  >>