فيه جواز التحلل بالإحصار (١)، وأن فيه دماً (٢)، وأنه لا يحصل التحلل إلا بذبحه في محله (٣)، وأنه لا يجوز الحلق قبله (٤)، وأن حلق الرأس حرام على المحرم (٥).
واستدل به من لا يرى التحلل إلا من حصر العدو (٦)، فأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال: لا حصر إلا حصر العدو فأما من أصابه مرض أو وجع أو ضلال فلا. إنما قال الله:(﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ﴾.
(١) أي: بسبب الإحصار، ودليله ظاهر الآية، حيث شرع له ما يجب عليه ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ﴾ جوابًا لشرط ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ فربط الجزاء بالشرط.
(٢) مأخذه: أنّ (ما) في قوله: ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ﴾ في محل رفع، أي: فالواجب، أو فعليكم ما استيسر، أو تكون في محل نصب، على تقدير، فانحروا، أو فاهدوا.
(٣) مأخذه: منطوق الآية وظاهرها.
(٤) مأخذه: مفهوم الغاية (حتى) وإن لم يبلغ محله، فلا يجوز له التحلل.
(٥) مأخذه: النهي في قوله: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ﴾، وكذا ايجاب الفدية كما سيأتي والفدية تجب على ترك واجب، وترك الواجب حرام.
(٦) مأخذه: تفسير الصحابي ابن عباس الذي ذكره المصنف، وكونه واردًا في سبب الحصر من العدو؛ لأنّها نزلت في الحديبة.
والأخير يدل على دخول حصر العدو، لا أن الحصر فيه، والدليل على دخول حصر المرض، أو الخوف، اللغة، ومن التفسير -كما قال ابن عباس- ما تعرفه العرب من لغتها، ومن اللغة: الفعل الرباعي (أحصر) يقال في المرض، فيقال: أحصره المرض، أما الثلاثي (حصر) فإنه للعدو، فيقال: حصره العدو، وهو قول الأخفش وابن السكيت من علماء اللغة. وقال بعض أهل اللغة كالأزهري في تهذيب اللغة (٤/ ٢٣٢)، والزجاج في معاني القرآن (١/ ٢٦٧): إن الرباعي (أحصر) يقال لمن منعه خوف أو مرض من التصرف فهو محصر، ويقال لمن حُبس: حُصِر، فهو محصور. وقال ثعلب والفراء في معاني القرآن (١/ ١١٧): أحصر وحُصِر لغتان. انظر: تيسير البيان للموزعي (١/ ٣١٢)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/ ٣٧١)، وأضواء البيان للشنقيطي (١/ ٧٧).