• قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [٢٨٠].
فيه وجوب إنظار المعسر (١)، وتحريم حبسه وملازمته (٢).
ورد على من قال ببيع الحر في الدين (٣).
واستدل به على أن المديون لا يكلف الكسب لوفاء دينه؛ لأنه تعالى حكم بالإنظار ولم يوجب كسباً ولا غيره، ومن خالف في ذلك قال: إن الآية نزلت في الربا (٤).
• قوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾.
فيه حث على الإبراء وأنه مع كونه مندوباً أفضل من الإنظار الذي هو واجب. أخرج ابن المنذر عن الضحاك قال النظرة واجبة، وخير الله الصدقة على النظرة.
• قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [٢٨٢].
أخرج البخاري عن ابن عباس قال: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل
(١) لقوله: ﴿فَنَظِرَةٌ﴾ أي: فعليكم إنظاره.
(٢) وهو مبني على وجوب إنظاره أي: وتحريم مطالبته؛ لأنّ الأمر بالشيء نهي عن ضده، وإذا حرمت مطالبته فحبسه أولى.
(٣) لأنّ المولى سبحانه جعل له الإنظار، وهذه الآية ناسخة لما كان من قبل من بيع الحر بالدين، وهذا إن ثبت أنّ النّبي ﷺ أمر به في صدر الإسلام، كما ذكر ابن عطية.
(٤) أي: خاصة بها دون سائر الديون، فأمر الذي يتعاملون به في الجاهلية أن يأخذوا رؤوس أموالهم بلا زيادة، وينظروا المعسر حتى يوسر، كما أن الأصل الوفاء بالدين، والوفاء به لا يتم إلّا بالكسب، فكان الكسب واجبًا.
قال ابن الفرس في أحكام القرآن (١/ ٤١٤): «قُرئ (وإن كان ذا عسرة) قال بعضهم: على هذا تختص الآية بالربا، ومن قرأ: ﴿ذُو عُسْرَةٍ﴾ فهي عامة في جميع مَنْ عليه الدين. وهذا الذي ذكروه غير لازم، بل القراءتان كل واحدة منهما محتملة للتأويلين».