واستدل به على أنه لا يجوز الأكل لمن شك في الغروب (١)، وعلى تحريم الوصال (٢).
روى أحمد من طريق ليلى امرأة بشير بن الخصاصية قالت: أردت أن أصوم يومين مواصلة فمنعني بشير، وقال: إن رسول الله ﷺ نهى عنه، وقال:(يفعل ذلك النصارى، ولكن صوموا كما أمر الله: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾، فإذا كان الليل فأفطروا)(٣).
وروى الطبراني في الأوسط بسند لا بأس به عن أبي ذر أن رسول الله ﷺ واصل يومين فأتاه جبريل فقال: إن الله قبل وصالك ولا يحل لأحد بعدك، وذلك بأن الله قال: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾، فلا صيام بعد الليل (٤).
فيه مشروعية الاعتكاف واختصاصه بالمسجد (٥)، وعدم اختصاصه
(١) باتفاق العلماء؛ لأنّ قوله: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ﴾ أمر يقتضي الوجوب، و ﴿إِلَى اللَّيْلِ﴾ غايته، والليل الذي يتم به الصيام مغيب قرص الشمس.
(٢) لأنّ الصيام والإمساك مغيا إلى الليل، ومفهومه: عدم الصيام بالليل، فلا صيام بالليل، وأكدت ذلك السنة بتحريمه.
(٣) المسند (٥/ ٢٢٥)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٣/ ١٥٨) رجاله رجال الصحيح، وصحح إسناده ابن حجر في فتح الباري (٤/ ٢٥٤).
(٤) أخرجه الطبراني في الأوسط (٣٢٠٦)، وقال الشيخ مصطفى العدوي في تحقيقه للإكليل ص (٩٩): "ضعيف وفيه رجل مجهول، قال الهيثمي في المجمع (٣/ ١٥٨) ولم أعرف عبد الملك، وكذا الحافظ في الفتح (٤/ ٢٥٤) ".
(٥) لأنّ الواو في قوله: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ﴾ حالية، أي: حال كونكم عاكفين في المساجد، فدلت الآية ضمنًا على الحكمين مشروعية الاعتكاف، وكونه في المسجد.
وسبق الحديث عن مشروعية الاعتكاف عند قوله: ﴿أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ﴾.
والاختصاص بالمسجد دلت عليه السنة، فلم يعتكف الرسول ﷺ إلّا في مسجد.