استدل بها على أن السحر كفر حيث قال: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾، وقال: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾ (٢).
قال بكر بن العلاء: وفي الآية أن الساحر يقتل، ووجهه أنه قال: ﴿وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾ أي باعوا أنفسهم للقتل بالسحر الذي فعلوه (٣) كما قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ﴾.
قال ابن الفرس: استدل بها على القول بسد الذرائع في الأحكام؛ لأن المؤمنين منعوا من وقول: راعنا له ﷺ؛ لئلا يجد اليهود بذلك السبيل إلى سبه.
(١) أي: لا يصير ناجزًا.
وقال مقاتل بن سليمان في تفسيره (١/ ١١٩): «لما قالوا: ﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً﴾ أكذبهم الله ﷿ فقال: ﴿بَلَى﴾ يخلد فيها ﴿مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً﴾ يعني الشرك، ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ حتى مات على الشرك».
(٢) مأخذ الحكم من الآية الأولى، دلالة الإيماء؛ لاقتران الوصف التعليم بالحكم، وهو الكفر، فدل على أنّ تعليم السحر كفر.
والآية في تعلم السحر -كما هو ظاهر الآية- فصار تعليمه وتعلمه كفر.
(٣) وبيعه لنفسه يتضمن القتل، كما في الآية المذكورة ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ﴾.
والمعنى أنّ السحر ثمن بئيس للنفس، فدل على أنّ النفس تقتل به.