للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾ الآية (١).

• قوله تعالى: ﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾.

استدل به بعضهم على أنه لا يكتب الوثائق إلا عارف بها عدل مأمون (٢).

• قوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ﴾

فيه وجوب الكتابة (٣)، فقيل: على الكفاية، وقيل: على العين.

وقيل هو للندب (٤).

• قوله تعالى: ﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ﴾

فيه دليل على العمل بالإقرار (٥).

(١) حيث أسقط المولى ﷿ الكتابة عند الأمن من ضياع الحق، ومن صوارف الأمر من الوجوب إلى الندب، كذلك فعله حيث ابتاع بلا كتابة ولا إشهاد، وكذلك من الصوارف جريان العمل على عدم الكتابة في جميع ديار المسلمين.

ويُنبه إلى أنّ الخلاف هنا يؤثر في المسائل القادمة من الإشهاد، وإملال المولى؛ لأنّه وسيلته.

(٢) للأمر الوارد في الآية على الصفة المذكورة، وهي أن يكون عارفًا فقيهًا بكتابة الوثائق وما يلزم فيها؛ لأنّه لا يقدر على العدل والتسوية في الأمور الخطرة إلا لعارف بها.

ومما يؤكد الوجوب تحقيق المقصد من الكتابة، وهو حفظ الحقوق، وحفظها واجب، ولا يتم الواجب إلا بالعدل، فوجب أن يكون كذلك.

(٣) الوجوب مستفاد من النهي عن الامتناع؛ لأنّه أمر بضده، وهو الكتابة؛ ولأنّ الإجابة للكتابة وسيلة للكتابة، ووسيلة الشيء تأخذ حكمه، وهو مبني على أنّ الكتابة واجبة للأمر بها في قوله: ﴿فَاكْتُبُوهُ﴾ ﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾.

(٤) قال الجصاص في أحكام القرآن (١/ ٥٨٧): «قد بينا أن الكتاب غير واجب في الأصل على المتداينين، فكيف يكون واجبًا على الأجنبي الذي لا حكم له في هذا العقد ولا سبب فيه؟ وعسى أن يكون من رآه واجبًا إلى أن الأصل واجب».

(٥) لأنّ الشارع جعل ما يمليه المدين -الذي عليه الحق، وليس الدائن الذي له- إقرار منه واعتراف بالحق الذي عليه.

ولأنّ الكتب والشهادة إنّما هي بحسب إقراره، وما أُمر بذلك إلا ليعمل به.

<<  <   >  >>