فيه وجوب العدة على المتوفى عنها (٣) مدخولاً بها أولاً (٤)، وأنها أربعة أشهر وعشر (٥)، وذلك في غير الحامل كما في سورة الطلاق (٦).
(١) لتعليق سبحانه نفي الجناح على الإرادة، ونفي الجناح يدل على الجواز، وإن لم يعلق على الإرادة، فكيف وقد علق عليها، فقال سبحانه: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾.
(٢) لنفي الجناح الوارد في الآية وفي سورة الطلاق قال سبحانه: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ فصرح بأن الأجرة مقابل الرضاعة.
(٣) لقوله: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ﴾، وهو خبر بمعنى الأمر.
(٤) لقوله: ﴿وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ﴾ و ﴿أَزْوَاجًا﴾ نكرة في سياق إثبات فهي مطلقة، فيصدق على أي زوج توفيت عنه زوجته، سواء كان داخلًا بها أو لا؟. والخطاب من أول الآية للنساء فهن المقصودات.
(٥) لنص الآية، وذكر بعض الفقهاء أن الحكمة من هذا العدد استبراء الرحم، وذلك لأن الولد يكون في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم أربعين يومًا علقة، ثم أربعين يومًا مضغة، ثم ينفخ فيه الروح في العشر، فأمرت بتربص هذه المدة ليستبين الحمل، إن كان بها حمل، والصواب أن الحكمة غير مقتصرة على استبراء الرحم، وقد قال ابن القيم في اعلام الموقعين (٢/ ٥١): « … وليس المقصود بالعدة هنا مجرد استبراء الرحم كما ظنه بعض الفقهاء لوجوبها قبل الدخول، ولحصول الاستبراء بحيضة واحدة، ولاستواء الصغيرة والآيسة وذوات القروء في مدتها، فلما كان الأمر كذلك قالت طائفة: هي تعبد محض لا يعقل معناه، … وهذا باطل لوجوه» ثم ذكرها، وقال:«فالصواب أن يقال: هي حريم لانقضاء النكاح لما كمل».
(٦) لقوله تعالى: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ فجعل أجلًا للمطلقة وللمتوفى عنها، ويؤيده حديث سبيع الأسلمية، «أنّها نفست بعد وفاة زوجها بليال، فأمر رسول الله ﷺ أن تتزوج» كما عند البخاري (٥٣٢٠)، ومسلم (١٤٨٥).