وشملت الآية الكتابية والمستحاضة والصغيرة، خلافاً لمن خالف فيهن (١)، والأمة عند الأصم (٢).
واستدل بقوله: ﴿وَعَشْرًا﴾ من قال: إنها ليال، وأن اليوم العاشر ليس من العدة؛ لإسقاط الهاء (٣).
واستدل ابن عباس بإطلاق الآية على أنها تعتد حيث شاءت؛ لأنه قال: ﴿يَتَرَبَّصْنَ﴾ ولم يقل في بيوتهن (٤) أخرجه الحاكم.
واستدل بقوله: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ﴾ على أن العدة من الموت؛ لتعليقها عليه، فلو لم يبلغها موته إلا بعد مضي المدة حكم بانقضائها (٥).
(١) قدّر العلماء في الآية مقدَّرا، فقالوا: (وأزواج الذين يتوفون) والمقدّر كالملفوظ، (وأزواج الذين) جمع مضاف يعمّ ما ذُكر.
(٢) للمأخذ والتقدير السابق، والجمهور، وقيل: إنّه إجماع للصحابة على أن عدتها على النصف من عدة الحرة، فتكون شهرين وخمسة أيام، وورد في الخبر: «طلاق الأمة تطليقتان، وعدتها حيضتان» أخرجه أبوداود (١١٨٢)، وضعفه الألباني في الإرواء (٧/ ٢٠١).
(٣) لأنّ العدد يخالف المعدود؛ لكونه مفرداً، يقال عشرة أيام، وعشر ليال.
وقد ذهب الأوزعي والأصم إلى أن العشر تستعمل في الليالي دون الأيام، وإنّما دخلت الأيام تبعًا. وعلى ذلك لو تزوجت في اليوم العاشر جاز لها، أخذًا من تذكير العدد ﴿وَعَشْرًا﴾ فيكون المعدود الليالي، وإلا لأنثه (وعشرة).
وأجيب: أن العرب تغلب صيغة التأنيث في العدد خاصة على المذكر، فتطلق لفظ الليالي وتريد بأيامها، كقوله تعالى: لزكريا ﵇ ﴿آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾ يريد بأيامها، بدليل أنّ الله تعالى قال في آية أخرى ﴿آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا﴾ يريد بلياليها.
(٤) أي إن الفعل ﴿يَتَرَبَّصْنَ﴾ نكرة في سياق إثبات فيكون مطلقاً في التربص كما ذكر المصنف، أو يكون من حذف المتعلق المعمول فيه، فدل على العموم، والمقصود الاستدلال على عدم اشتراط التربص في بيت زوجها، وهذا الاستدلال يمنعه الوارد من استئذان أخت أبي سعيد الخدري ﵂ رسول الله ﷺ في عدة وفاة زوجها أن ترجع إلى أهلها فقال لها رسول الله ﷺ «امكثي حتى يبلغ الكتاب أجله» أخرجه الدارمي في سننه (٢٣٣٣).
(٥) ولعدم جواز الزيادة بغير دليل، والقول بانقضاء العدة في هذه الحالة هو قول ابن مسعود وابن عباس وغيرهم، وخالفهم علي، وقال: يوم يأتيها الخبر في الموت بخلاف الطلاق؛ لقضاء حق الزوج، وإنّما يتحقق إذا علمت وتركت الزينة عن اختيار.