أكثر الحيض (١)، وقراءة التشديد على انقطاعه لدونه، وهو بعيد جداً.
قلت: ويمكن إعمال القراءتين على وجه آخر وهو الإشارة بقراءة التخفيف إلى أن الغسل حال جريان الدم لا يصح ولا يبيح، فوقف حمل الوطء على الانقطاع بقوله ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ وعلى الاغتسال (٢) بقوله: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾.
ويؤيد هذا ما أخرجه ابن أبي حاتم وغيره من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ﴾، يقول: اعتزلوا نكاح فروجهن ولا تقربوهن حتى يطهرن من الدم فإذا تطهَّرن بالماء.
واستدل بعموم الآية من قال بإجبار الذمية على الغسل من الحيض (٣).
• قوله تعالى: ﴿فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾.
قال ابن عباس من حيث أمركم أن تعتزلوهن في الحيض، وهو الفرج خاصة أخرجه ابن جرير.
ففيه اختصاص الوطء بالفرج وكذا قال مجاهد وغيره.
• قوله تعالى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [٢٢٣].
قال ابن عباس: أي قائمة وقاعدة ومقبلة ومدبرة، أخرجه عبد في تفسيره (٤).
(١) أي: فيمن كانت أيامها عشرًا، فيجوز للزوج وطئها بمضي العشر.
وقالوا: انقطاع الدم معتبر بأحد شيئين: الغسل، والآخر مضى وقت صلاة فيلزمها فرض صلاة، ولزوم فرضها مناف لبقاء حكم الحيض.
(٢) فتوقف الحل على غاية وشرط، ويكون الحل بهما، والحرمة بانتفاء أحدهما.
(٣) العموم إمّا بلفظ ﴿النِّسَاءَ﴾، وفي ضمير النسوة ﴿يَطْهُرْنَ﴾ فيعمّ المسلمة أو الذّمية. ولأن الحكم يدور مع علته، والتحريم لكون المحيض أذى، فلابد من إزالته.
(٤) قول ابن عباس هو المأخذ، ووجه العموم المأخوذ من قوله: ﴿أَنَّى شِئْتُمْ﴾ و ﴿أَنَّى﴾ تستعمل بمعنى: أين، وهي عامّة في المكان، فتشمل القبل والدبر.
وبمعنى: كيف، أي كيف شاء، مقبلة ومدبرة، قائمة ومضجعة، وهو الذي ذهب إليه ابن عباس هنا، والأوّل وهو المكان مشترط أن يكون في صمامٍ واحدٍ، كما سيأتي عن ابن عباس.