للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ﴾ الآية [٢٤٩].

استدل به الرازي على أن الشرب من النهر: الكرع فيه بالفم دون الاغتراف، فلو حلف لا يشرب من النهر حنث بالكرع دون الشرب بإناء؛ لأنه حظر الشرب إلا لمن اغترف، فدلَّ على أن الاغتراف منه ليس بشرب.

ورده إلكيا بأن استثناء الاغتراف منه يدل على أنه من الشرب؛ إذ المستثنى من جنس المستثنى منه (١).

واستدل أصحابنا بقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ﴾ على أن الماء ربوي مطعوم (٢).

• قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [٢٥٠].

فيه استحباب هذا الدعاء عند القتال (٣).

(١) الخلاف في نوع الاستثناء، فالذي ذهب إليه الرازي -وهو المذهب عند الحنفية- هو كونه منقطعًا، فيكون ليس من جنسه، ومن ثمّ لا يحنث من اغترف.

وذهب إلكيا -وهو مذهب الشافعية- إلى أن الاستثناء متصل، فالمستثنى من جنس المستثنى منه، ويدل عليه الجملة الثانية ﴿وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي﴾، والطعم في الكرع والاغتراف.

ووافق ابن العربي في أحكام القرآن (١/ ٣٠٩) إلكيا، وقال عن قول الحنفية إنه فاسد؛ لأنّ شرب الماء يطلق على كل هيئة وصفة في لسان العرب من غرف اليد أو كرع بالفم.

ورجح القرطبي في جامعه (٣/ ٢٥٣) قول الحنفية لتفريق القرآن والسنة ولغة العرب فيرجع إليه، وذكر ابن الفرس في أحكام القرآن (١/ ٣٨١) أن حمله على الاتصال أولى ما أمكن.

(٢) بناء على أن العلة الربوية هي الطعم، كما هو مذهب الشافعية، وعليه، فلا يصح بيعه إلّا بما يصح به بيع الطعام، مثل بمثل ويد بيد.

وردَّ بأنّ المراد بالطعم هنا: الذوق، وإثبات الطعم أو نفيه عنه لا يثبت له إنّه طعام، قاله ابن الفرس في أحكام القرآن (١/ ٣٨٢).

(٣) لدعاء الأنبياء، الدال على مشروعية الفعل واستحبابه.

<<  <   >  >>