واستدل به الشافعي على أن العاجز عن النفقة يفرق بينه وبين زوجته؛ لأن الله تعالى خير بين اثنين لا ثالث لهما: الإمساك بمعروف، والتسريح بإحسان، وهذا ليس ممسكاً بمعروف فلم يبق إلا الفراق (٣).
واستدل بقوله: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ على أن الرجعة تنفذ على هذا الوجه ويكون ظالماً (٤).
(١) أو التسريح بالإحسان، ووجه الوجوب المصدر النائب عن فعله في قوله: ﴿فَإِمْسَاكٌ﴾ أو ﴿أَوْ تَسْرِيحٌ﴾، أي: فالواجب إمساك أو تسريح.
(٢) للنهي في قوله: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا﴾، والمضارة تكون بأن يطلقها رجعيًا ثم كلما قارب انقضاء عدتها راجعها اضرارًا وعدونًا، أو يراجعها ويمسكها بغير المعروف ضرارًا أو عدونًا.
(٣) لأنّ الإمساك بمعروف يكون بالقيام بما يجب عليه من حق على زوجها، ومنها النفقة، أو فالواجب التسريح.
فإن قيل: العاجز عن النفقة غير مكلف بالإنفاق.
يقال: نعم غير مكلف لعجزه، لكنه مكلف بالتسريح؛ لأنّه مقدور عليه.
(٤) لتطويل العدة عليها بمراجعتها إذا شارفت العدة على الانتهاء، وذكر المولى سبحانه هنا اسم الإشارة ﴿ذَلِكَ﴾؛ ليدل على البعد تعظيمًا له وترهيبًا منه.
وكون الرجعة تنفذ عند من قال بأنّه لا مفهوم للشرط في قوله: ﴿إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾ ولعل القائل بمفهوم مؤيد بهذا النص الدال على تحريم هذا الفعل، ووصف فاعله بأنّه ظالم لنفسه، والنهي يقتضي الفساد، والله أعلم.