للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحده لزمه الصوم بنفسه (١)، خلافاً لمن قال لا يلزمه إلا بحكم الإمام (٢).

• قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾.

هذا أصل لقاعدة عظيمة ينبني عليها فروع كثيرة، وهي أن المشقة تجلب التيسير، وهي إحدى القواعد الخمس التي ينبنى عليها الفقه، وتحتها من القواعد قاعدة الضرورات تبيح المحظورات، وقاعدة إذا ضاق الأمر اتسع، ومن الفروع ما لايحصى كثرة، والآية أصل في جميع ذلك.

وقد يستدل بالآية على أحد الأقوال في مسألة تعارض المذاهب والروايات والاحتمالات، هل يؤخذ بالأخف أو بالأقوى أو بأيهما شاء؟.

• قوله تعالى: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ﴾

فيه دليل على اعتبار العدد إذا لم ير الهلال، ولا يرجع فيه لقول الحساب والمنجمين (٣).

واستدل به أبو حنيفة على أن من صام تسعة وعشرين باعتبار رؤية بلده وقد صام أهل بلدة أخرى ثلاثين أنه يلزم أولئك قضاء يوم؛ لأنه ثبت برؤية تلك البلدة أن العدة ثلاثون، فوجب على هؤلاء إكمالها (٤).

(١) لعموم (من) في الآية ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ﴾.

(٢) لأن (الصوم حين يصوم الناس) كما في الحديث، وصوم الناس يكون بإخبار الإمام؛ لحديث ابن عمر «تراءى الناس الهلال فأخبرت النّبي أني رأيته، فصامه وأمر الناس بصيامه» أخرجه أبو داود (٢٣٤٢)، وقال الألباني في صحيح أبي داود (٢٠٢٨): " إسناده صحيح ".

(٣) لأنّ اللام في قوله: ﴿وَلِتُكْمِلُوا﴾ فتحتمل أنّها لام الأمر، أي: لتكملوا عدد أيام الشهر، بقضاء ما أفطرتم في مرضكم وسفركم

ويؤيد ذلك قراءة التشديد (ولتكّملوا).

(٤) على القول بعدم اعتبار أثر اختلاف المطالع، وعند اتحادها فيجب عليهم الإكمال؛ لتحقق المشاهدة حكما لا حقيقة.

أمّا من يرى أن للاختلاف أثرًا، فإنّه يعتبر رؤية كل قوم في بلدهم، ويستدلون بعموم قوله «صوموا لرؤيته» وهؤلاء لم يروه، والحديث أخرجه البخاري (١٩٠٩)، ومسلم (١٠٨١).

<<  <   >  >>