للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن ﴿شَهِدَ﴾ بمعنى: علم.

واستدل به من قال يقضي، وفسر: ﴿شَهِدَ﴾ بمعنى: أدرك.

واستدل به أبو حنيفة على أن من شهد بعض الشهر لزمه صوم الشهر كله، وإن سافر لم يبح له الفطر، ووجهه أنه لا يمكن أن يراد به شهود جميع الشهر؛ لأنه لا يكون شاهداً لجمعيه إلا بعد مضيه كله، ويستحيل أن يكون مضيه كله شرطاً للزوم صومه كله؛ لأن الماضي من الوقت يستحيل إيقاع الصوم فيه، فعلم أنه لم يرد شهود جمعيه، فالتقدير: من شهد منكم بعض الشهر فليصم ما لم يشهد منه.

وقد أخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر في قول: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ قال من أدركه رمضان في أهله ثمَّ أراد السفر فليصمه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن علي قال: من أدركه رمضان وهو مقيم ثم سافر بعد لزمه الصوم؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ قال: هو إهلاله بالدار.

واستدل بالآية على إجزاء صوم الأسير إذا صام بالاجتهاد ووافق رمضان، خلافا للحسن بن صالح، وعدمه إذا صادف ما قبله (١)، وعلى أن من رأى الهلال

(١) الأسير إن اجتهد وصام، إمّا يوافق اجتهاده الواقع، وإمّا أن يصادف ما قبله، أو يصادف ما بعده، فالاحتمالات ثلاث، وعلى القول بأن (شهد) بمعنى: أدرك، فإن صام بعده فإنّه يجزئه قولًا واحدًا، أداءً أو قضاءً، وإن صام قبله فإنّه لم يشهده -لم يدركه- فلا يجزئه كما قال المصنف؛ ويكون نافلة، ويلزمه الأداء أو القضاء بعد شهوده.

وأمّا إن صادف فإنّه يجزئه كما قال المصنف؛ لدخوله في عموم الآية؛ لأنّه مدرك له سواء بالحجة القاطعة، أو الاجتهاد.

<<  <   >  >>