وهو محمول على ذلك عندنا، فلا يجوز أن يكون الظالم نبياً ولا خليفة نبي، ولا قاضياً ولا من يلزم الناس قبول قوله في أمور الدين، من مفت أو شاهد أو مخبر عن النبي ﷺ خبراً (١)، فقد أفادت الآية أن شرط جميع من كان محل الإئتمام به أمور الدين العدالة والصلاح.
قال: وهذا يدل أيضاً على أن شرط أئمة الصلاة أن يكونوا صالحين غير فساق ولا ظالمين (٢).
• قوله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ [١٢٥].
يحتج به في كون الحرم مأمناً (٣).
• قوله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾.
فيه مشروعية ركعتي الطواف (٤)، واستحبابهما خلف المقام (٥)، واستدل
(١) فُسِّر العهد بعدة تفسيرات محتملة اللفظ، فتحمل عليه، وما قاله الرازي -من القواعد التفسيرية- وهو مأخذه: «وجميع ذلك محتملة اللفظ وجائز أن يكون مراداً لله».
(٢) مأخذه: دلالة مفهوم المخالفة، أنّ غير الظالم من أهل العدل والصلاح سينال الإمامة، لكن مع الإتيان بأسبابها.
وقال الطاهر ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير (١/ ٧٠٦): «حكم أحد الضدين يثبت نقيضه للأخر عن طريق الإيجاز».
(٣) مأخذه: خبر بمعنى الأمر، والمعنى: أمنوا من دخل البيت، وهو محل اتفاق، يعمّ التأمين كل داخل سواء كان إنسانًا أو حيوانًا، أو طيرًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَمْنًا﴾ نكرة في سياق امتنان.
(٤) ورد بصيغة الأمر ﴿وَاتَّخِذُوا﴾ وكأنه ﷾ جعلها جملة اعتراضية، وفيها تشريع الصلاة للمسلمين عند حجر المقام.
وورد بصيغة الخبر ﴿وَاتَّخِذُوا﴾ فقال بعضهم: لا تحتمل غير حكاية ما كان في زمن إبراهيم ﵇.
وقال غيره: هي خبر بمعنى الأمر، وذكر المصنف أنّها على سبيل الاستحباب، كما سيأتي.
(٥) الأصل في الأمر الوجوب، وقد قال به البعض؛ لظاهر الآية كما سيأتي، ومنهم من صرفها -كالمصنف- إلى الاستحباب لصارف، والصارف قوله ﵇ لمعاذ ﵁ لما بعثه إلى اليمن «فأعلمهم أنّ الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة» أخرجه البخاري (١٣٩٥)، ومسلم (٢٩) وغيره كحديث: «أفلح إن صدق» أخرجه البخاري (١٨٩١)، ومسلم (١١)، وإنّما فرض عليه خمس صلوات.