وبقوله: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ على أن الخلوة لا تقرر المهر مطلقاً (١).
وقوله: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ يفيد جواز هبة الزوجة النصف الذي ثبت لها للزوج (٢).
وقوله: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ فسره عليٌّ بالزوج، وورد في حديث مرفوع عند الطبراني (٣)، ففيه جواز ترك الزوج نصفه لها.
وفسره ابن عباس وغيره: بالولي (٤)، فاستدل به من أجاز للولي العفو عن
(١) لأنّ المسَّ في كتاب الله: الجماع، ومفهومه: أن غير الجماع لا يوجب المهر، والخلوة ليست جماعًا.
قال ابن مسعود ﵁: «إن جلس بين رجليها ما لم يجامعها» وهو قول ابن عباس ﵄، وذهب بعض العلماء إلى أن الخلوة تنزل منزلة المسّ؛ لأنّها مظنته.
وقال عمر ﵁: «ما ذنبهن إن جاء العجز من قبلكم»، وهو قول علي ﵁؛ ولأنّها مظنة الجماع، ولا يطلع عليه أحد.
(٢) لضمير النسوة في قوله: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾، ويدل عليه قوله تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾، وذلك شريطة أن تكون ممن يصح تبرعها، بأن تكون رشيدة بالغة، عاقلة تحسن التصرف.
(٣) الطبراني في الأوسط (٦٣٥٩)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٣٢٣): "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه ابن لهيعة، وفيه ضعف ".
(٤) اختلف العلماء فيمن ﴿بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾؛ لأنّ الزوج يملك عقد النكاح قبل الطلاق، والولي يملكها بعد الطلاق.
ومن قال بأنه الزوج أيّده أنه مقابل عفو الزوجة، فيكون العفو من الجانبين، ولو كان الولي لكان من جانب واحد، الزوجة ووليها.
كما أن الولي ليس له الحق في العفو عن مهرها.
ومن قال إنّ الذي بيده عقدة النكاح الولي، قال: لأنّه ذكر العفو بعد الطلاق، والذي يملك عقد النكاح بعد الطلاق هو الولي.