للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والشفاء (١)، فهو دليل على مشروعيته المشتركة بين الوجوب والندب (٢).

وكل فعل طلب الشارع تركه (٣)، أو ذمه (٤)،

(١) أي: وصف الفعل بصفة مدح. وهذا لم يذكره العز بن عبد السلام، استغناء بما ذكره في أول أنواع الأدلة، عند قوله:: «فكل فعل عظمه الشرع أو مدحه أو مدح فاعله، .... الخ». ومن أمثلة هذا الأسلوب قوله تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: ١٢٢] مدح المولى سبحانه الإيمان والمؤمنين وشبههم بالأحياء والنور، وقيل: بأن المراد بالذي كان ميتاً فأحياه الله: عمر بن الخطاب. وقيل عمار بن ياسر. أما الذي مثله بالظلمات - أي ظلمات الكفر - فهو أبو جهل بن هشام. على قول كثير من المفسرين.

(٢) تنبيه: ١ - وَقد يتَعَلَّق بعض هَذِه الْأَدِلَّة باجتناب الْحَرَام كَقَوْلِه ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾ [الفرقان: ٦٨] فَإِنَّهُ مدحهم باجتناب الْمحرم كَمَا مدحهم بِفعل الْوَاجِب وَلذَلِك مدحهم بقوله ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ [الشورى: ٣٧].

وكل هَذِه الْأَدِلَّة عَائِدَة إِلَى الْمَدْح والوعد وَلَكِن لما اخْتلفت أَنْوَاع الوعود والمدائح عددت هَذِه الْأَنْوَاع لينْتَفع بهَا المتدرب فِي مضانها

٢ - مما لم يذكره السيوطي في الإكليل من الأنواع التي ذكرها العز بن عبد السلام (٨٩، ١٠١):

الأول: الْفَرح بِالْفِعْلِ كقوله : (لله أفرح بتوبة أحدكُم من أحدكُم بضالته إِذا وجدهَا) أخرجه البخاري (٥٩٣٣). الثاني: نصب الْفِعْل سَببا لإِصْلَاح الْعَمَل ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠ - ٧١] ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾ [النساء: ٦٦] جعل الله الْعَمَل سَببا للتثبيت.

(٣) يكون بصيغة النهي: كتحريم الزنا، ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ٣٢] وتحريم أكل الأموال بالباطل ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: ١٨٨]، وبصيغة الأمر: كتحريم جماع الحائض ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ [البقرة: ٢٢٢]، وتحريم شرب الخمر ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: ٩٠].

(٤) مثاله: قوله تعالى: ﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [المائدة: ٦٣]، وقوله تعالى: ﴿وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ﴾ [الأنبياء: ٧٤].

<<  <   >  >>