قالا: وفيها دلالة على جواز الصلاة في نفس الكعبة حيث قال: ﴿بَيْتِيَ﴾، خلافاً لمالك (١).
قلت: يرده قوله: ﴿لِلطَّائِفِينَ﴾، والطواف لا يكون في نفس الكعبة (٢).
قال الرازي: وفيها دلالة على أن الطواف قبل الصلاة.
قلت: قد استدل بذلك ابن عباس (٣)، فأخرج الحاكم من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه أتاه رجل فقال أبدأ بالصفا قبل المروة، أو أبدأ بالمروة قبل الصفا؟، وأصلي قبل أن أطوف أو أطوف قبل أن أصلي؟ أو أحلق قبل أن أذبح أو أذبح قبل أن احلق؟ فقال ابن عباس: خذ ذاك من كتاب الله فإنه أجدر أن يحفظ قال الله: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ فالصفا قبل المروة. وقال تعالى: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾، فالذبح قبل الحلق، وقال: ﴿أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ فالطواف قبل الصلاة، وقال الحاكم صحيح الإسناد.
قال الرازي: وفيها دلالة على جواز المجاورة بمكة؛ لأن قوله:
(١) إذ لا معنى للأمر بتطهير البيت إلّا لأجل جواز الصّلاة فيه، وفي ختم الآية قال: ﴿وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾.
(٢) خرج الطواف من كونه مفعولًا خارج البيت بالاتفاق؛ ولأنّ الطواف بالبيت إنّما هو بأن يطوف حواليه خارجًا منه، ولا يسمى طائفًا بالبيت من طاف في جوفه، والله إنّما أمرنا بالطواف به، لا بالطواف فيه بقوله: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾.
(٣) وهذا مأخذه: وهو تفسير الصحابي، أو يقال: جاء ما يدل على أنّ الواو هنا: للترتيب، ولمراعاة النظم القرآني.