للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما سجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- احتمل أبو جهل الحجر، ثم أقبل نحوه، حتى إذا دنا منه رجع منهزمًا ممتقعًا لونه، مرعوبًا قد يبست يداه على حجره، حتى قذف الحجر من يده، وقامت إليه رجال قريش فقالوا له: ما لك يا أبا الحكم؟ قال: قمت إليه لأفعل به ما قلت لكم البارحة، فلما دنوت منه عرض لى دونه فَحْلٌ من الإبل، لا والله ما رأيت مثل هَامَتِه، ولا مثل قَصَرَتِه ولا أنيابه لفحل قط، فَهَمَّ بى أن يأكلنى.

قال ابن إسحاق: فذكر لي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ذلك جبريل -عليه السلام- لو دنا لأخذه).

التعليق: منكر بهذا اللفظ.

قال الشيخ: محمد بن عبدالله العوشن-حفظه الله- (١): (قال البيهقي-رحمه الله-: (ابن إسحاق إذا لم يذكر من حدث عنه لم يفرح به).

ومن النكارة في هذه الرواية قول أبي جهل: (وإني أعاهد الله!) في حين تجد في رواية مسلم الآتية أنه أقسم باللات والعزى. وقد أخرج الحاكم نحواً من هذه القصة من طريق عبدالله بن صالح قال: حدثني الليث بن سعد عن إسحاق بن عبدالله بن أبي فروة، عن أبان بن صالح، عن علي بن عبدالله بن عباس، عن أبيه العباس بن عبدالمطلب، ثم قال الحاكم: صحيح. وتعقبه الذهبي بقوله: (قلت: فيه عبدالله بن صالح وليس بعمدة، وإسحاق بن عبدالله بن أبي فروة متروك).

وقد روى مسلم -رحمه الله- في صحيحه (٢) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته أو لأعفرن وجهه في التراب، قال: فأتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي زعم


(١) ما شاع ولم يثبت في السيرة ص (٤٩).
(٢) كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب قوله: (إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى)، حديث رقم (٢٧٩٧).

<<  <   >  >>