للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الصفات والأخلاق]

قوله: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يمتاز من جمال خَلْقه وكمال خُلُقه بما لا يحيط بوصفه البيان، وكان من أثره أن القلوب فاضت بإجلاله، والرجال تفانوا في حياطته وإكباره، بما لا تعرف الدنيا لرجل غيره، فالذين عاشروه أحبوه إلى حد الهيام، ولم يبالوا أن تندق أعناقهم ولا يخدش له ظُفْر، وما أحبوه كذلك إلا لأن أنصبته من الكمال الذي يحبب عادة لم يرزق بمثلها بشر).

التعليق: قول المؤلف (فالذين عاشروه أحبوه إلى حد الهيام) وصف غير لائق في التعبير عن حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قبل الصحابة؛ وذلك لأن الهيام نوع من الحب والعشق الذي قد يصيب صاحبه بالحيرة بل والجنون، وهذا ينزه عنه كل من أحب الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

قال ابن منظور (١): (والهُيامُ: كَالْجُنُونِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: كَالْجُنُونِ مِنَ الْعِشْقِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الهُيامُ نَحْوُ الدُّوارِ جنونٌ يأْخذ البعيرَ حَتَّى يَهْلِك، … والهَيمُ: داءٌ يأْخذ الإِبلَ فِي رؤوسها. والهَائِمُ: المتحيِّرُ … ؛ يُقَالُ: هَامَ فِي الأَمر يَهِيمُ إِذَا تَحَيَّرَ فِيهِ، وَهُوَ أَيضاً الذاهبُ عَلَى وَجْهِهِ عِشْقاً …

وَالِاسْمُ الهُيامُ. وَرَجُلٌ هَيْمانُ: مُحِبٌّ شديدُ الوَجْدِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الهَيْمُ مصدرُ هَامَ يَهِيمُ هَيْماً وهَيَماناً إِذَا أَحَبَّ المرأَةَ. والهُيَّامُ: العُشّاقُ).

ووصف حب الله - عز وجل- أو حب الرسول -صلى الله عليه وسلم - بالعشق أو الهيام من ألفاظ الصوفية وهي ألفاظ حادثة لا تعرف لدى السلف الصالح، وإنما يقال حب الله وحب الرسول وهذا ما ورد في القرآن والسنة وما تعبدنا الله به.

قال ابن القيم -رحمه الله- (٢): (فإن العبادة تتضمن غاية الحب بغاية الذل، ولا يصلح ذلك إلا لله -عز وجل- وحده.


(١) لسان العرب (١٢/ ٦٢٦) طبعة دار صادر، الطبعة الثالثة، ١٤١٤ هـ.
(٢) إغاثة اللهفان (٢/ ١٣٣).

<<  <   >  >>