كان بعد رجوع النبي -صلى الله عليه وسلم- من الطائف لما خرج إليها يدعو ثقيفاً إلى نصره، وذلك بعد موت أبي طالب، وكان ذلك في سنة عشر من المبعث، كما جزم ابن سعد بأن خروجه إلى الطائف كان في شوال، وسوق عكاظ التي أشار إليها ابن عباس كانت تقام في ذي القعدة. وقول ابن عباس في حديثه "وهو يصلي بأصحابه" لم يضبط ممن كان معه في تلك السفرة غير زيد بن حارثة، فلعل بعض الصحابة تلقاه لما رجع، والله أعلم.
وقول من قال: إن وفود الجن كان بعد رجوعه -صلى الله عليه وسلم- من الطائف ليس صريحاً في أولية قدوم بعضهم. والذي يظهر من سياق الحديث الذي فيه المبالغة في رمي الشهب لحراسة السماء من استراق الجن السمع دال على أن ذلك كان قبل المبعث النبوي وإنزال الوحي إلى الأرض، فكشفوا ذلك إلى أن وقفوا على السبب، ولذلك لم يقيد الترجمة بقدوم ولا وفادة، ثم لما انتشرت الدعوة وأسلم من أسلم قدموا فسمعوا فأسلموا وكان ذلك بين الهجرتين، ثم تعدد مجيئهم حتى في المدينة).
قال شعيب وعبدالقادر الأرناؤوط (١): (تابع ابن القيم ابن إسحق في كون استماع الجن للقرآن كان تلك الليلة، مرجعه من الطائف، وفيه نظر، فإن استماعهم كان في ابتداء المبعث قبل خروجه -صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف بسنتين، نبه على ذلك الحافظ ابن كثير في تفسيره (٤/ ١٦٢)، وقد روى البخاري ومسلم من حديث ابن عباس ما يؤيد ذلك).
[القبائل التي عرض عليها الإسلام]
قوله:(قال الزهرى: وكان ممن يسمى لنا من القبائل الذين أتاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ودعاهم وعرض نفسه عليهم: بنو عامر بن صَعْصَعَة، ومُحَارِب بن خَصَفَة، وفزارة، وغسان، ومرة، وحنيفة، وسليم، وعَبْس، وبنو نصر، وبنو البَكَّاء، وكندة، وكلب، والحارث بن كعب، وعُذْرَة، والحضارمة، فلم يستجب منهم أحد).