ولما كانت المحبة جنساً تندرج تحته أنواع متفاوتة فى القدر والوصف، كان أغلب ما يذكر فيها فى حق الله تعالى: ما يختص به ويليق به، كالعبادة والإنابة والإخبات، ولهذا لا يذكر فيها لفظ العشق والغرام، والصبابة، والشغف، والهوى، وقد يذكر لها لفظ المحبة، كقوله:{يحُبُّهُمْ وَيحُبُّونِهُ}[المائدة: ٥٤]، وقوله {قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبْبِكْمْ اللهُ}[آل عمران: ٣١]، وقوله {وَالّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبا للهِ}[البقرة: ١٦٥].
ومدار كتب الله تعالى المنزلة من أولها إلى آخرها على الأمر بتلك المحبة ولوازمها والنهى عن محبة ما يضادها وملازمتها، وضرب الأمثال والمقاييس لأهل المحبتين، وذكر قصصهم ومآلهم، ومنازلهم، وثوابهم، وعقابهم، ولا يجد حلاوة الإيمان، بل لا يذوق طعمه، إلا من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما).
وقالَ ابنُ القيمِ أيضاً (١) في فصلٍ لهُ عن جوازِ إطلاقِ الشوقِ على اللهِ: (والصوابُ أنهُ يقالُ: إطلاقهُ - أي الشوق - متوقفٌ على السمعِ، و لم يرد به؛ فلا ينبغي إطلاقهُ، وهذا كلفظِ العشقِ أيضاً، فإنهُ لم يرد به سمعٌ، فإنهُ يمتنعُ إطلاقهُ عليهِ سبحانهُ، واللفظُ الذي أطلقهُ سبحانهُ على نفسهِ وأخبر بهِ عنها أتمُ من هذا و أجلُ شأناً، هو لفظُ المحبةِ … وهكذا المحبةُ وصف نفسهُ منها بأعلاها وأشرفها فقال:" يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه [المائدة: ٥٤]، " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ " [البقرة: ٢٢٢]، " يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " [البقرة: ١٩٥]، و " يُحِبُّ الصَّابِرِينَ " [آل عمران: ١٤٦]، ولم يصف نفسهُ بغيرها من العلاقةِ والميلِ والصبابةِ والعشقِ والغرامِ ونحوها، فإن مسمى المحبةِ أشرفُ وأكملُ من هذه المسمياتِ، فجاء في حقهِ إطلاقه دونها).
قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر البراك - حفظه الله -: (وأما لفظ العشق فلم يرد في القرآن ولا في الحديث، وإنما يطلقه الجهلة بالله من الفلاسفة والصوفية فإن من عبارات الفلاسفة عن الله: "عشق، وعاشق،