ولما كان الله - تبارك وتقدس- قد تكفل بحفظ كتابه كما في قوله تعالى:(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)(الحجر: ٩) وكان هذا متضمناً (١)
١ - لحفظه عند إنزاله.
٢ - وحفظه بعد إنزاله، فالأول حفظه من مسترقي السمع من كل شيطان رجيم، وبعد إنزاله إيداعه في قلب نبيه - صلى الله عليه وسلم- وبعد ذلك في قلوب أمته.
٣ - ويتضمن حفظ ألفاظه من التغيير، أو التبديل، أو النقص.
٤ - ومتضمناً لحفظ معانيه؛ وكان هذا مستلزماً لحفظ السنة النبوية وما يحصل به حفظ الكتاب، فهذا القدر محفوظ، إذ السنة تكمل القرآن وتشرحه وتفسره وتبينه، والسيرة النبوية داخلة في هذا الالتزام، والله يتولى حفظه، وما كان خارجاً عن ذلك حيث يقوم الدين وتثبت الملة بدونه فهذا قدر يسير …
وقد نقب علماء الإسلام وبحثوا في أسانيد الحديث والأخبار النبوية، وضربوا أروع الأمثلة في التثبت، وبيان صحيح الأخبار من سقيمها، وقعدوا قواعد محكمة، وأسسوا أصولاً ثابتة حفظت - بفضل الله- ما حفظت من دواوين الحديث والسنة وأخبار النبي- صلى الله عليه وسلم- وأخبار أصحابه- رضي الله عنهم-.
ولما كانت الأخبار التي لا تتضمن أحكاماً يحتاج إليها المرء في دينه مثل كثير من أخبار السيرة وحوادثها رواها الإخباريون وتناقلوها وألفوا فيها المؤلفات، وقد حرص كثير من محبي السنة وحملتها على الفحص والتدقيق لجملة الأخبار وتطبيق قواعد المحدثين عليها؛ نصحاً للمسلمين، وذباً عن أخباره - عليه الصلاة والسلام-.
وأقول: إن الأئمة المتقدمين لهم نظر في الأحكام والسنن، ونظر آخر