ثم أقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قافلاً إلى المدينة ومعه الأسرى من المشركين وفيهم عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث … حتى إذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالصفراء قتل النضر بن الحارث قتله علي بن أبي طالب كما أخبرني بعض أهل العلم من أهل مكة. ثم خرج حتى إذا كان عرق الظبية قتل عقبة بن أبي معيط. فقال عقبة حين أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقتله: فمن للصبية يا محمد! قال: النار. فقتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري أخو بني عمرو بن عوف كما حدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر. ذكره ابن هشام في " السيرة "(٢/ ٢٩٧ - ٢٩٨) ثم قال: "ويقال قتله علي بن أبي طالب فيما ذكر لي ابن شهاب الزهري وغيره من أهل العلم ". وفي " البداية " للحافظ ابن كثير (٣/ ٣٠٥ - ٣٠٦): " وقال حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن الشعبي قال: " لما أمر النبي-صلى الله عليه وسلم- بقتل عقبة قال: أتقتلني يا محمد من بين قريش؟ قال: نعم. أتدرون ما صنع هذا بي؟ جاء وأنا ساجد خلف المقام فوضع رجله على عنقي وغمزها فما رفعها حتى ظننت أن عيني ستندران وجاء مرة أخرى بسلا شاة فألقاه على رأسي وأنا ساجد فجاءت فاطمة فغسلته عن رأسي ".
قلت: وهذا مرسل. وجملة القول إني لم أجد لهذه القصة إسناداً تقوم به الحجة على شهرتها في كتب السيرة وما كل ما يذكر فيها ويساق مساق المسلمات يكون على نهج أهل الحديث من الأمور الثابتات.
نعم قد وجدت لقصة عقبة خاصة أصلاً فيما رواه عمرو بن مرة عن إبراهيم قال: أراد الضحاك بن قيس أن يستعمل مسروقاً. فقال له عمارة بن عقبة: أتستعمل رجلاً من بقايا قتلة عثمان؟! فقال له مسروق: حدثنا عبد الله بن مسعود - وكان في أنفسنا موثوق الحديث- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أراد قتل أبيك قال: من للصبية؟ قال: النار. فقد رضيت لك ما رضي لك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه أبو داود (٢٦٨٦) والبيهقي (٩/ ٦٥) من طريق عبد الله بن جعفر الرقي قال: أخبرني عبد الله بن عمرو بن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو ابن مرة. قلت: وهذا إسناد جيد رجاله ثقات كلهم رجال الشيخين).