ثم وقفت على الكتاب الذي سماه مؤلفه الشيخ عبد الله الدويش -رحمه الله-: "تنبيه القاري على تقوية ما ضعفه الألباني"! ومما قواه هذا الحديث! فقد ساقه من رواية البيهقي في "دلائل النبوة"(٣/ ٤٤٥ - ٤٤٦) من طريق أحمد بن عبد الجبار: حدثنا يونس، عن ابن إسحاق قال: فحدثني رجل، عن عبد الله بن كعب بن مالك قال: جاء نعيم بن مسعود الأشجعي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله! إني قد أسلمت؛ ولم يعلم بي أحد من قومي، فمرني أمرك … إلخ.
قلت: كذا صورة الأصل، وهي بخطه؛ كما أخبرني من أهداه إلي، وهذا من أوهامه -رحمه الله-! لأنه كان عليه أن يذكر جواب النبي -صلى الله عليه وسلم- لنعيم بن مسعود؛ لأن موضع استشهاده أو انتقاده علي إنما هو فيه، وهو:
فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما أنت فينا رجل واحد، فخذل عنا ما استطعت؛ فإنما الحرب خدعة". فانطلق نعيم بن مسعود … الحديث.
قلت: فهنا محل تلك اللفظة: "إلخ" كما هو ظاهر.
ثم ساقه من رواية البيهقي أيضاً من الطريق ذاتها، عن ابن إسحاق قال: حدثنا يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة قالت: كان نعيم بن مسعود رجلاً نموماً، فدعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: … ، فذكر القصة مختصرة جداً، وفيه:
فلما ولى نعيم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الحرب خدعة".
وقال الدويش عقبه:"وهذا إسناد حسن، وقد أشار إليه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (٧/ ٤٠٣) بأطول من هذا، وسكت عليه. والله أعلم". كذا قال! غفر الله له، وفيه أوهام عجيبة!
أولاً: قوله: "وقد أشار إليه الحافظ .. " إلى قوله: "وسكت عنه".
فأقول: الذي سكت عنه الحافظ ليس هذا الذي ساقه الدويش من رواية البيهقي عن عبد الله بن كعب المرسلة، ورواية عروة عن عائشة المسندة، وإنما سكت عن رواية ابن إسحاق في "السيرة"(٣/ ٢٤٧ - ٢٥٠)