للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أشار البخاري إلى إرسال كتاب النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى كسرى دون أن يذكر نص الكتاب. لكنه بيّن أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أرسل كتابه مع عبد الله بن حذافة السهمي، وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين المنذر بن ساوي العبدي، وأن المنذر دفعه إلى كسرى الذي مزقه بعد أن قرأه وقد دعا عليهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يمزقهم الله كل ممزق، وقد مَزَّق الله ملك كسرى فقتله ابنه واستولى على عرشه وتمزقت الإمبراطورية الفارسية ثم زالت من الوجود، وأما نص الكتاب إلى كسرى فلم يثبت من طريق صحيحة وإنما أورده الطبري وغيره بأسانيد ضعيفة. (١)

وقد ثبت في صحيح مسلم (٢) إرسال كتاب النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى النجاشي، وبين الإمام مسلم أنه ليس بالنجاشي الذي أسلم، ولم يثبت نص الكتاب فقد أورده ابن إسحق بدون إسناد.

وأما نصوص الكتب التي وجهت إلى المقوقس حاكم مصر وهي كتابان وكذلك ردود المقوقس وهي كتابان أيضاً فلم تثبت من طريق صحيحة، وكذلك لم تثبت نصوص الكتب إلى الحارث بن أبي شمر الغساني حاكم دمشق (٣) وهوذة بن علي الحنفي حاكم اليمامة وجيفر وعباد ابني الجلندي حاكمي عمان والمنذر بن ساوي في البحرين (٤) من الناحية الحديثية، ولا يعني ذلك نفي إرسال الكتب إلى هؤلاء الملوك والحكام كما أنه لا يعني الطعن التاريخي


(١) قال الألباني في تخريج فقه السيرة ص (٣٦٠): (حديث حسن، رواه ابن جرير في تاريخه: ٢/ ٢٩٥ - ٢٩٦، عن يزيد بن أبي حبيب مرسلاً، وأبو عبيد في (الأموال)، ص ٢٣، عن سعيد بن المسيب مرسلاً نحوه).
(٢) عن أنس: أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى كسرى، وإلى قيصر، وإلى النجاشي، وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله -تعالى-، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-. رواه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب كتب النبي -صلى الله عليه وسلم-إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله عز وجل، حديث (١٧٧٤).
(٣) قال الألباني في تخريج فقه السيرة ص (٣٥٨): (ذكره الواقدي بدون إسناد كما في (البداية): ٤/ ٢٦٨).
(٤) قال الألباني في تخريج فقه السيرة ص (٣٦١): (رواه الواقدي في آخر كتاب (الردة) بسنده، عن أبي حنتمة كما في (نصب الراية) للزيلعي: ٤/ ٤١٩ - ٤٢٠).

<<  <   >  >>