وهذا إسناد حسن إلى عبيد بن جبير، خير من الإسناد السابق لضعف عبد الله بن عمر العمري المكبر. وقد أشار إليه البخاري وابن حبان - كما نقلته عنه آنفاً -، وقد أسقط منه:(عبد الله بن عمرو بن العاص).
ثم تنبهت لشيء كاد أن يفوتني، وهو أن تحديدي لهوية عبد الله بن عمر- أنه العمري المكبر- كان نتيجة تأثري برواية الحاكم التي وقع فيها مصغراً:(عبيد الله)، فتنبهت لكون:(عبد الله بن عمر) جاء في رواية الدارمي بزيادة في نسبه هكذا: (عبد الله بن عمر بن علي بن عدي)، كما جاء في "المسند" و"المعجم" منسوباً هكذا: (عبد الله بن عمر العَبَلي)، فتيقنت أنه ليس:(عبد الله بن عمر العمري).
أقول هذا بياناً للحقيقة وتراجعاً عن الخطأ، وإلا، فليس هو بخير من (العمري)، بل هو مجهول العين، لا يعرف إلا برواية ابن إسحاق هذه -كما في كتابي البخاري وابن أبي حاتم و"ثقات ابن حبان"(٧/ ٣٦). وفي نسبه أقوال أخرى تجدها في تعليق الشيخ المعلمي -رحمه الله- على هذه الترجمة في "الجرح والتعديل"(٢/ ٢/ ١٠٨ - ١٠٩).
وثمة نوع آخر من الاضطراب على ابن إسحاق: فقال محمد بن سلمة عنه
عن أبي مالك بن ثعلبة بن أبي مالك عن عمر بن الحكم بن ثوبان عن عبد الله ابن عمرو بن العاص … به. أخرجه الدولابي (١/ ٥٨)، وأبو نعيم في "الحلية"(٢/ ٢٧).
ورجاله ثقات، غير أبي مالك هذا: فلم يوثقه أحد حتى ولا ابن حبان، وذكره البخاري في "الكنى" وكذا ابن أبي حاتم، من رواية ابن إسحاق فقط، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وابن إسحاق: مدلس وقد عنعن.
وقد وجدت للحديث طريقاً أخرى، ولكنها لا تساوي فلساً. فقال ابن سعد (٢/ ٢٠٤): أخبرنا محمد بن عمر: حدثني إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن أبي مويهبة مولى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: … فذكره.