للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يدل على اعتناء السلف بالمغازي ما ذكره الخطيب البغدادي-رحمه الله- عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص قال: (كان أبي يعلمنا مغازي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويعدها علينا وسراياه، ويقول: يا بني هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوا ذكرها).

وروى أيضاً عن علي بن الحسين أنه كان يقول: (كنا نُعَلَّم مغازي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما نُعَلَّم السورة من القرآن). (١)

وقد كتب العلماء السيرة ودونوا أحداثها ووثقوا مواقفها بصورة لا توجد لبشر إلا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن فيها (ما يعينهم على فهم كتاب الله تعالى؛ لأنها هي المفسرة للقرآن الكريم في الجانب العملي، ففيها أسباب النزول، وتفسير لكثير من الآيات فتعينهم على فهمها، والاستنباط منها، ومعايشة أحداثها، فيستخرجون أحكامها الشرعية، وأصول السياسة الشرعية، ويحصلون منها على المعارف الصحيحة في علوم الإسلام المختلفة، وبها يدركون الناسخ والمنسوخ وغيرها من العلوم، وبذلك يتذوقون روح الإسلام ومقاصده السامية، ويجد فيها الزهاد معاني الزهد وحقيقته ومقصده، ويستقي منها التجار مقاصد التجارة وأنظمتها وطرقها، ويتعلم منها المبتلون أسمى درجات الصبر والثبات، فتقوى عزائمهم على السير في طريق دعوة الإسلام وتعظم ثقتهم بالله -عز وجل-، ويوقنوا أن العاقبة للمتقين). (٢)

ومن ينظر في القرآن الكريم يجد الإشارة إلى كثير من أحداث السيرة وغزوات الرسول -صلى الله عليه وسلم - مثل:

سورة العلق إشارة إلى بدء الوحي وأول ما نزل من القرآن الكريم.

سورة المدثر إشارة إلى التكليف بالرسالة والنذارة عن الشرك والدعوة إلى التوحيد.

سورة الضحى إشارة إلى فترة الوحي.


(١) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (٢/ ١٩٥)، والبداية والنهاية (٣/ ٢٤٢).
(٢) انظر: مدخل لدراسة السيرة ص (١٤)، د. يحيى اليحيى.

<<  <   >  >>