وقيل: إن الختان من الكلمات التي ابتلى الله بها خليله فأتمهن وأكملهن، وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، وقد عد النبي- صلى الله عليه وسلم- الختان من الفطرة، ومن المعلوم أن الابتلاء به مع الصبر مما يضاعف ثواب المبتلى به وأجره، والأليق بحال النبي - صلى الله عليه وسلم- أن لا يسلب هذه الفضيلة، وأن يكرمه الله بها كما أكرم خليله؛ فإن خصائصه أعظم من خصائص غيره من النبيين وأعلى.
وختن الملك إياه -كما رويناه- أجدر من أن يكون من خصائصه، وأولى هذا كله كلام ابن العديم، ويريد بختن الملك ما رواه من طريق الخطيب عن أبي بكرة (أن جبريل ختن النبي حين طهر قلبه) وهو - مع كونه موقوفاً على أبي بكرة- لا يصح إسناده؛ فإن الخطيب قال فيه: أنبأنا أبو القاسم عبد الواحد بن عثمان بن محمد البجلي، أنبأنا جعفر بن محمد بن نصير، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان، حدثنا عبد الرحمن بن عيينة البصري، حدثنا علي بن محمد المدائني، حدثنا مسلمة بن محارب بن سليم بن زياد، عن أبيه، عن أبي بكرة وليس هذا الإسناد مما يحتج به.
وحديث شق الملك قلبه قد روي من وجوه متعددة مرفوعاً إلى النبي- صلى الله عليه وسلم-، وليس في شيء منها (أن جبريل ختنه) إلا في هذا الحديث فهو شاذ غريب.
قال ابن العديم: وقد جاء في بعض الروايات أن جده عبد المطلب ختنه في اليوم السابع.
قال: وهو على ما فيه أشبه بالصواب وأقرب إلى الواقع.
ثم ساق من طريق ابن عبد البر حدثنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن أحمد- قراءة مني عليه- أن محمد بن عيسى حدثه قال: حدثنا يحيى بن أيوب بن زياد العلاف، حدثنا محمد بن أبي السري العسقلاني، حدثنا الوليد بن مسلم، عن شعيب بن أبي حمزة، عن عطاء الخراساني، عن عكرمة، عن ابن عباس (أن عبد المطلب ختن النبي يوم سابعه وجعل له