حدثنا أحمد بن مكرم بن خالد البِرْتي ببغداد، قال: حدثنا علي بن المديني، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا ثور بن يزيد، قال: حدثني خالد بن معدان، قال: حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي، وحجم بن حجم الكلاعي، قالا: أتينا العرباض بن سارية -وهو ممن نزل فيه {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} - فسلمنا وقلنا: أَتيناك زائرين ومقتبسين، فقال العرباض: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان هذه موعظةُ مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال:"أُوصِيكُم بتقوىَ اللَّهِ عَزَّ وَجَل وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وإنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعًا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنكُمْ فسيرى اختلافًا كثيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاء الرَّاشِدينَ المَهْدِيينَ، فتمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وإيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأَمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَة، وكل بِدْعَةٍ ضَلَالةٌ"(١).
قال أبو حاتم: في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فَإنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنكُم فَسَيَرَى اختِلَافًا، فَعَلَيكُم بِسُنَّتِي" دليل صحيح على أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر أمته بمعرفة الضعفاء منهم من الثقات، لأنه لا يتهيأ لزوم السنة مع ما خالطها من الكذب والأباطيل إلا بمعرفة الضعفاء من الثقات.