هو الذي كثر في المحدثين، فمنهم من كان يخطىء الخطأ اليسير إما في الكتابة حيث كتب ولم يعلم حتى بقي الخطأ في كتابه إلى أن كبر واحتيج إليه، مثل تصحيف اسم يشبه الاسم، ومثل رفع مرسل أو إيقاف مسند وإدخال حديث في حديث أو ما يشبه هذا، فلما رأى أئمتنا مثل يحيى القطان وابن مهدي وأحمد ويحيى ومن كان من أقرانهم من أهل هذه الصناعة ما تفردوا من الأشياء التي ذكرتها أطلقوا عليهم الجرح وضعفوا فهم في الأخبار، وهذا الجنس ليسوا عندي بضعفاء على الإطلاق حتى لا يحتج بشيء من أخبارهم، بل الذي عندي فيه أن لا يحتج بأخبارهم إذا انفردوا، فأما ما وافقوا الثقات في الروايات فلا يجب إسقاط أخبارهم، فكل من يجيء من هذا الجنس في هذا الكتاب فإني أقول بعقب ذكره: لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد.
[والجنس الثاني]
أقوام [ثقات] كانوا يروون عن أقوام ضعفاء كذابين ويكنونهم حتى لا يعرفوا، فربما أشبه كنية كذاب كنى ثقة، فيتوهم المتوهم أن راوي هذا الخبر ثقة يتحملون عليه، وليس ذلك الحديث من حديثه، ومن أعملهم بمثل هذا من هذه الأمة الثوري، كان يحدث عن الكلبي، ويقول: حدثنا أبو النضر، فتوهم المستمع أنه أراد به سعيد بن أبي عروبة أو جرير بن حازم، ومثل الوليد بن مسلم إذا قال: حدثنا أبو عمرو، فيتوهمون [أنه] أراد به الأوزاعي، وإنما أراد به عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، وقد سمعا جميعًا من الزهري، ومثل بقية إذا قال: حدثنا الزبيدي عن نافع، فيتوهمون أنه أراد به محمد بن الوليد الزبيدي، وإنما أراد به زرعة بن عمرو الزبيدي، وما يشبه هذا.
فلا يجوز الاحتجاج بخبر في روايته كنية إنسان لا يدرى من هو وإن كان دونه ثقة، لأنه يحتمل أن يكون كذابًا كنى عن ذلك.