يروي عن محمد بن مروان السدي صاحب كتاب الكلبي، كان رجل سوء، مرجئًا جهميًا داعيةً إلى البدع، يبيع الخمر ويبيح شربه، وقد رشا لهم حتى ولوه قضاء ترمذ، فكان يتعصب على أهل الحديث، ويؤدب من يقول: الإيمان قول وعمل، حتى أنه أخذ رجلًا من الصالحين من أصحاب الحديث، فجعل الحبل في عنقه، وأمر أن يطاف به في الناس، فينادى عليه، وكان الحميدي يقنت عليه بمكة، وإسحاق بن راهويه إذا ذكره بكى من تجرئه على الله عز وجل، لا تحل كتابة حديثه ولا الرواية عنه، لم يكتب عنه أصحاب الحديث، وإنما وقعت روايته عند أهل الرأي، ولكني ذكرته ليعرف، تتجنب روايته. ولأبي عون عصام بن الحسين فيه قصيدة طويلة يذكره فيها، من تلك القصيدة:
يفتى نحو شرق الأرض شيخ مفتن ... له قحم في الصالحين إذا ذكر
أنَافَ على التسعين لَا دَرَّ دَرُّهُ ... وعجله ربي الجليل إلى سقر
[مـ]ـحلته لايبعد الله غيره ... محلة جهم عند ملتطم النهر
على شط جيحون بترمذ قاضيًا ... مرمى بألوان الفضائح والقذر
وليس بمرضي هناك صالحًا ... كذاك رماه الشاهدون أولوا القدر
هناك عليه الحميدي دعوة ... مع العصر يدعو والطلوع مع الفجر
وأخبر عنه أنه هو مرتشٍ ... يبيع شرابًا قد يمد إلى السكر
لحا الله هذا الوصف من وصف مائق ... وعجله ربي العزيز إلى القبر
وإني لأرجو حسبة في انتقاصه ... وأن أعلم الساعي المجهول من الغمر
وفي قصيدة له طويلة يمدح فيها صالح بن عبد الله الترمذي ويذكر فضله ولذم فيها صالح بن محمد هذا ويذكر مساوئه.