النبي -صلى الله عليه وسلم- يقوم حتى ترم قدماه، فقيل له في ذلك، فقال:"أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟ ".
حدثنا خالد بن أحمد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعيد بن سلم بن قتيبة، عن ابن جريج، عن حماد بن سلمة، عن أبي العشراء الدارمي، عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله أما تكون الزكاة إلا في الحلق أو اللبة، قال:"لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخْذِهَا لَأَجْزَأَ عَنْكَ" قال: ثم لقيت حمادًا فأقر به، وقال: نعم أنا حدثته به، قال حماد: وقد سمع مني هذا الحديث جماعة منهم أبو عون وشعبة ومالك.
قال أبو حاتم رضي الله عنه: حدثنا أبو بشر بهذه الأحاديث من كتب له عملت أخيرًا مصنفة إذا تأملها الإنسان توهم أنها عتق، فتأملت يومًا من الأيام جزءً منها بالي الأطراف أصفر الجسم فمحوته بإصبعي فخرج من تحته أبيض، فعلمت أنه دخنها والخط خطه، كان ينسبها إلى جده.
وهذه الأحاديث التي ذكرناها أكثرها مقلوبة ومعمولة، عمدت يداه، على أنه كان رحمه الله من أصلب أهل زمانه في السنة وأنصرهم لها، وأذبهم لحريمها، وأقمعهم لمن خالفها، وكان مع ذلك يضع الحديث ويقلبه، فلم يمنعنا ما علمنا من صلابته في السنة ونصرته لها أن نسكت عنه، إذ الدين لا يوجب إلا إظهار مثله فيمن وجد، ولو جئنا إلى شيء يكذب فسرناه عليه لصلابته في السنة، فإن ذلك ذريعة إلى أن يوثق مثله من أهل الرأي والدين لا يوجب إلا قول الحق فيمن يجب سواء كان سنيًا أو انتحل مذهبًا غير السنة، إذا تأمل هذه الأحاديث استدل بها على ما رواها ما لم نذكرها ولم يشك أنها من عمله، ونسأل الله عز وجل إسبال الستر بمنه.
سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الضبعي يقول: كنت في دار أحمد بن سهل ننتظر الأذان مع محمد بن إسحاق بن خزيمة وجماعة من المشايخ ومعنا أبو بشر المروزي، فذكر أبو علي الجنائزي باب اليمين مع الشاهد، فذكر كل واحد منا بعض ما فيه، فقال أبو بشر: روى نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى باليمين مع