الاحتجاج، وفيما لم يخالف الثقات معتبر به، وفيما وافق الثقات محتج به، ولا يتوهمن متوهم أن ما لم يخالف الأثبات هو ما وافق الثقات، لأن ما لم يخالف الأثبات هو ما روى من الروايات التي لها أصول من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن أتى بزيادة اسم في الإسناد أو إسقاط مثله مما هو محتمل في الإسناد، وأما ما وافق الثقات فهو ما يروي عن شيخ سمع منه جماعة من الثقات، وأتى بالشيء على حسب ما أتوا به عن شيخه، وما انفرد من الروايات هو زيادة ألفاظ يرويها عن الثقات أو إتيان أصل بطريق صحيح، فهذا غير مقبول منه، لما ذكرنا من سوء حفظه وكثرة خطئه، وأنه ليس بالمحل الذي تقبل مفاريده، وإنما تقبل المفاريد إذا كان رواتها عدول عاقلون، يعقلون ما يحدثون عالمون بما يحيلون من معاني الأخبار وألفاظها، فأما الثقة الصدوق إذا لم يكن يعلم ما يحيل من معاني الأخبار، وحدث من حفظه، ثم انفرد بألفاظ عن الثقات لم يستحق قبولها منه، لأنه ليس يعقل ذلك، ولعله أحاله متوهمًا أنه جائز، فمن أجل ما ذكرنا لم نقبل الزيادة في الأخبار إلا عمن سمينا من العدول على الشرط التي وضعنا.
وقد روى يحيى البابلتي، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا كَانَ سَنَةَ ثِنْتَينِ وَمِئَةٍ كَانَ الغُرَبَاءُ فِي الدُّنْيَا أَرْبَعَةً: قُرْآنٌ فِي جَوْفِ ظَالِمِينَ، وَمُصْحَفٌ فِي بَيْتِ قَوْمٍ لَا يُقْرَأُ فِيهِ، [وَمَسْجِدٌ فِي نَادِي قَوْمٍ لَا يُصَلُّونَ فِيهِ]، وَرَجُلٌ صالِحٌ بَيْنَ قَوْمٍ سُوءٍ"(١).
حدثناه أبو القاسم هارون بن محمد البغدادي بمكة، قال: حدثنا محمد بن علي الصوري، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله البابلتي، قال: حدثنا الأوزاعي.
وهذا لا شك فيه أنه معمول.
وروى يحيى البابلتي، عن إبراهيم بن نجيح الرهاوي، عن زيد بن أبي