للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأدنوا، ثم قالوا: هل لك من حاجة؟، قال: قلت: نعم، أنا شيخ من أهل الشام، خرجت إلى بلدكم هذا في طلب العلم، وأنا مقيم فيه من أربع حجج، وقد بلغنني عن والدكم أنه لقي أنس بن مالك، خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "طوبى لمن رآني ومن رأى من رآني"، وأبوكم قد رأى من رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لي نعم وكرامة، إنا ندخل عليه في كل غداة فنسلم ولا ندخل إلا من غد، ولنا أخ هو أصغر منا سنًا يكنا بأبي الطيب، فنسأله يدخلك معه عليه، على أنا نشرط عليك لا تتكلم، تنظر إليه وهو لا ينظر إليك، قال: فدعوت لهم، فقالوا لي: أدخل إلى هذا المسجد، فإذا صليت العصر، فصر إلينا نسأله يدخلك، قال: فنهضت، فلما دخلت من باب المسجد شممت رائحة المسك، وإن المسجد قد وزر بالخلوق والمسك والعنبر، فسلمت وصليت ركعتين وسألت الله عز وجل أن يسهل لي النظر إلى وجه وليه، فلما فرغت من الدعاء فإذا بشيخ طويل القامة، عظيم الهامة، عليه جبة صوف، مقطوع الكمين، مشدود وسطه بحبل من ليف، على عاتقه مرَّ ومجرفة وزنبيل، فوضع المر والمجرفة والزنبيل في زاوية المسجد، ثم سلم وكبر وصلى ركعة واحدة فقط، قال: قلت: سبحان الله، لعله قد سها، فقال: لي مجيبًا: وبحمده، قال: فقلت: رحمك الله، إنك لم تصلَّ إلَّا ركعة، فقال: ركعة واحدة تجزي تحية المسجد، إنما هي تطوع، ليس هي فرض. قال: قلت: رحمك الله، من حدثك أن ركعة تجزيء تحية المسجد؟ قال: مولاي صاحب هذا القصر. قال: قلت ومملوك أنت؟، قال: كنت مملوكًا، ولكن أعتق الله رقبتي منذ خمسين سنة وأنا أحفر القبور منذ خمسين سنة، قال: قلت: وما الذي حملك إلى حفر القبور؟، قال: لحديت حدثني مولاي هذا عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حفر قبرًا لأخيه المسلم ولم يأخذ عليه جزاء بنى الله تعالى له بيتًا في الفردوس الأعلى، فيه قبة خضراء، يرى باطنها من ظاهرها، وظاهرها من باطنها". وسمعته يقول: "من غسل أخاه المسلم ولم يأخذ عليه أجرًا وكتم ما يرى منه، غفر الله عز وجل له ذنوبه في