للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ظلمة قبره ووحشته إذا خلا فردًا وحيدًا مرتهنًا بعمله، ووكل به ملك بيده مصباح من نور، فهو يؤنسه في قبره إلى أن ينفخ الله في الصور"، فهو الذي حملني على حفر القبور، وغسل الموتى، وحرسي القبور، قال: قلت ما أسمك؟، قال: صالح، قال: قلت باللّه يا صالح حدثني بأعجب شيء رأيت في ظلمات الليل وأنت تحفر القبور منذ خمسين سنة، قال: إني لست أحدثك أو تعطيني عهد الله وميثاقه أنك لا تجلس إلى قوم من أهل لا إله إلا الله إلا حدثتهم به، قال: قلت: نفعل إن شاء الله، قال: ملأت بنت القاضي - قاضي البصرة - ولم يكن بالبصرة امرأة هي أجمل منها، ولا أكمل جمالًا، فجزع عليها أبوها جزعا شديدًا، فدخلت عليه وهو يبكي من أحرَّ البكاء، ودموعه تجري على وجنتيه، فسلمت، فرد علي السلام، فقال: قلت: رحمك الله، إن الموت حتم على الخلق، وإن الله تبارك وتعالى قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (١)، فقال: لى لا صالح، قد علمت إن لم لكن بالبصرة امرأة هي أجمل من ابنتي ولا أكثر مالًا، مات عنها زوجها ولم ترزق منه ولدًا، وقد ورثت منه مالًا عظيمًا، وقد كنت رجوت أن ترثني أنا إذا مت، فلما أن ملأت دخل عليَّ أمر عظيم، وقد أوصتْ إليَّ أن أخرج من ثلثها ثلاثة آلاف دينار أكفنها بألف دينار، وأتصدق عنها بألف دينار، ويعطى لحرس قبرها ألف دينار، يحرس سنة، اثني عشر شهرًا، قال: قلت أما أنا فقد أعطيت عهد الله وميثاقه يسألني عنه أني لا أخذ لحرس قبر، ولا لحفر قبر، ولا لغسل ميت شيئًا أبدًا، فقال لي: يا سبحان الله ترزق رزقًا حلالًا وترده؟، قال: قلت: نعم أيها القاضي إني أريد أن أشير عليك بشيء يسعدك الله تعالى به ويدخل على ابنتك في قبرها السرور والرحمة، فقال: تكلم، قال: قلت: إن الميت لا ينتفع أن يكفن بألف دينار، فإنه يبلى في التراب والصديد والدود، ولكن تكفن بمئة دينار، وتضيف تسع مئة إلى الألفين، فنشتري بها الثياب والخبز والماء،


(١) الزمر: ٣٠