للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النوم بأحسن منظر، وهم يقرؤونكم السلام، ويقولون لكم: جزاكم الله عنا خيرًا أفضل الجزاء، فإن هداياكم تأتينا بكرةً وعشيًا، قال: فلم يبق في المسجد شيخ ولا شاب إلا نحيبه بالبكاء، حتى سمعت المسجد ضجيجًا وعجيجًا، ولم يبق أحد منهم إلا تصدق عن حبيبه ذلك اليوم، وكانت رؤيا رحمة على الأحياء والأموات، قال: قلت: واللّه لأتين أم المسكين وأخبرها بما رأيت من سوء حاله، قال: فما زلت أسعى إلى باب والدته، فإذا على الباب شيخ جليل جميل بيده مصحف يقرأ فيه، وحوله وصائف (١) يقرئهم القرآن فلما رآني مقبلا أمر الوصائف يدخلن القصر، قال: فتقدمت وسلمت، فصافحني وعانقني ورد عليَّ السلام، ثم قال: لي هل لك من حاجة؟، قال: قلت: أما إليك فلا، ولكن إلى أهلك، فقال: لي: يا سبحان الله ما في مالي ولا ما خولني الله تعالى ما أقضي حاجتك، قال: قلت: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (٢)، فقال لي: صدقت وأحسنت، ثم قال: يا غلام، ادخل إلى ستَّك فقل لها: تسبل الستر حتى تدخل صالح لتنظر أيش حاجته، قال: فدخل الغدم فأسبل الستر، وجلست من وراء الستر، قال صالح: فدخل زوجها ودخلت معه، فلما أن صرت في صحن الدار، قال: قلت: السلام عليك يا أمة الله، قالت: وعليك السلام يا صالح الحفار، هل لك من حاجة؟، قلت: رحمك الله من لك في المقابر؟، قال: فبكت حتى خرت مغشيا عليها، وبكى زوجها وبكى جميع من كان في القصر معها من حرمها، قال صالح: وبكيت أنا رحمةً لها، فلما أفاقت من غشيتها قالت: وما ذاك يا صالح؟، قال: قلت: إني رأيت في المنام أهل لا إله إلا الله، قد ألبسهم الله تعالى البهاء والنور ورأيت رجلا مشوه الوجه، رب الكفن، في عنقه سلسلة من نار، ورجل بيده سوط وهو يضرب وجهه وظهره وبطنه وهو يدعو بالويل والثبور فتقطع قلبي واللّه له رحمةً، فقلت:


(١) الوصائف جمع وصيفة، وهي الخادم، للمذكر والمؤنث.
(٢) النساء:٥٨.