للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها: أن قالوا يدل على ذلك أن القياس بإجماع مثبتيه فرع للعمومات والنصوص وأنه لابد له من أصل ينتزع منه المعنى ويحمل عليه الفرع. فلو جوزنا تخصص العموم به لاعترضنا بالفرع على أصله وما به يثبت، لأنه لا عموم من كتاب ولا سنةً إلا ويصح أن يكون أصلًا للقياس، ولا يصح أن يعرض عليه تفرعه.

قالوا: ولهذه العلةً بعينها امتنع الناس من النسخ به، لأنه إنما يثبت بأصل هو النص والعموم. فإذا نسخ به صار رافعًا لأصله، وذلك فاسد.

فيقال لهم: ما قلتموه باطل من وجوه:

أحدها: إننا إذا قلنا بتخصص العام بالقياس على ما قاله القوم. فمعنى ذلك أننا إنما نخص العام بحكم أصل أخر غير المخصوص قد علمنا المراد به، لأن الله سبحانه إذا أمرنا بالقياس، وعللنا بعض الأصول بعلة توجب إخراج بعض ما في عام أخر غير المعتل المنتزع منه. فإنما خصصنا العام بالأصل المعتل وعوقنا أنه مخصص له وكان الله سبحانه هو المخصص له بحكم ذلك الأصل، وعرفنا نحن أنه مخصص له بالاعتبار والانتزاع لم نكن نحن الواضعين بحكم ما أوجب تخصص العام، بل الله سبحانه الحاكم بتخصصه. ولهذا نقول جميعا - أيضًا - أننا لا نضع الأحكام وإن قسنا، وأن الأحكام التي نثبتها بطريق القياس فالله سبحانه الواضع لها. وإنما نعلم وضعه لها بالنظر والاعتبار. فبطل ما قلتم وسقط قولكم أننا نعرض على الأصل بفرعه، لأن ما يخصى به العام حكم أصل أخر، وليس أحد الأصلين فرع لصاحبه.

والوجه الأخر: إننا لو كنا نعرض بنقيض القياس على الأصل العام

<<  <  ج: ص:  >  >>