به متيقن معلوم، كما أننا لسنا نحكم بالمال لظننا بصدق الشهود، وإن كنا نعلم براءة الذمة من جهة العقل ونزول عن ذلك بالشهادة، وإنما نحكم بوجوب العمل بالشهادة، وذلك أمر متيقن معلوم. فبطل ما قالوه.
وقد اعتل بعض المخالفين في هذا الباب لمنع تخصص ما لم يدخله الخصوص بخبر الصحابي.
فإن قالوا: لا يخلو الخبر الخاص من أن يكون واردًا قبل ورود العام أو بعده أو معه.
فإن كان واردًا قبله ثم ورد العام كان ناسخًا له، ولا يجب ترك بعض ما في العام به، وقد أزال العام حكمه.
وإن كان واردًا بعد ورود العام وجب أن يكون ناسخًا لحكم ما ورد فيه بعد دخوله تحت العام، لأنه - زعم - لا يجوز تأخير البيان، وما تأخر عنه لا يكون ناسخًا لما أخرجه من الخطاب والنسخ لا يثبت بأخبار الآحاد.
قال: وإن كانا وردًا معًا فذلك محال، لأنه إذا ألقى عليه السلام إلينا خبرًا عامًان من لفظه أو من القرآن، وهو مخصوص وجب أن تلفظ بتخصيصه مع ورود الفظ العام من غير تأخير. فإذا لزم العلم والعمل بالعام وألقاه إلى من تقوم الحجة بنقله، ويعلم صدقه اضطرارًا وجب أن يلقي إليهم بيانه معه في الحال، وإلا كان محيلًا في التكليف. وإذا ألقاهما معًا بحضرة الجماعة وجب أن يتلقوه، ويبطلوا ما خصه نقلًا واحدًا، وإلا وجب أن يكونوا ملبسين علينا في نقل العام وترك الإخبار بالخاص، وذلك منتفٍ عنه. ولا يجوز أن يحفظوا العام وينسوا الخاص، وقد سمعوهما على وجه واحد، لأن النسيان لا يجوز على عدد أهل التواتر، فإذا لم يجز عليهم النسيان لذلك/ ولا اعتماد ترك أقل الخاص ثبت أن ما نقله الآحاد