المتعارض في لفظه أو بأن يزيد أحدهما على الآخر/ من وجه وينقص عنه من وجه عند من أجاز تأخير البيان، فإنه يجوز أن يرد كذلك، ولكنه لابد لمعتقد جواز تأخير البيان من أن يعلم أنه إذا قيل له: من بدل دينه غدًا فاقتلوه، ومن بدل دينه غدًا فلا تقتلوه إنه لابد أن يكون قد أمر بقتل بعض من بدل دينه دون بعض ونهى عن قتل بعض منهم دون بعض. ومتى لم يعتقد ذلك وجب أن يعتقد أنه مأمور بقتل من قد نهى عن قتله، وذلك متناقض وإسقاط للتكليف، وليس من كلام مكلف حكيم.
فصل: فإن قيل: أفلستم قد أوجبتم القضاء على إخراج بعض العام من حكمه بالقياس؟ فهلا أخرجتم أيضًا البعض منه بالخبر الخاص؟
قيل له: قد قلنا من قبل أننا نعمل في العام والقياس إذا تقابلا في قدر ما تقابلا فيه ما نصنعه من التعارض بين الخاص والعام، فسقط السؤال.
ولو فصل فاصل بينها بأن القياس دليل مستقر بعد النبوة وبعد ورود العام ولابد أن يكون مستخرجًا من أصل يعلم ثبوت حكمه وأنه غير منسوخ ولا مرفوع حكمه، فيجب لذلك القضاء بأنهما وردا معًا للاتفاق على أن الأصل المستخرج منه علة القياس والأصل الذي يقصره على تخصصه ثابتين، وأن أحدهما غير ناسخ لصاحبه فيجب القضاء بمضمون أحدهما وما دل من تعليله على تخصص العام، وهذا فرق واضح لا إشكال فيه، على أنه إذا كان القياس جاريًا بعد ورود العام جاز القضاء به، ولا سبيل لنا إلى العلم بأن الخاص وارد بعد ورود العام، أو أنهما وردا معًا، فيقصر به عليه. فبطل ما قالوه.
فصل: وإن قال قائل: أفلستم قد قضيتم بقوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المُحْصَنَاتِ مِنَ العَذَابِ} على عموم قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا