علمنا موتهم معًا، لأجل جواز موت سائرهم في حال واحد، لأن ذلك غير مستحيل، ولأجل أن التعبد أوجب ذلك بما يذكر علته من الدليل من جهة الاجتهاد وأدلة السمع. فالحال إذًا فيهما مفترقة. ولأجل أننا لو قضينا بموت بعضهم قبل بعض لوجب أن نثبت ميراثًا لمن لا نعلم أنه وارث، ولا سبيل إلى ذلك.
وكذلك لو قضينا بالخاص على العام لقضينا بخروج من لا نعلم أنه خارج من حكم العام. وكذلك لو قضينا بالعام على الخاص لأبطلنا بذلك حكم الخاص مع أننا لا نأمن ثبوت حكمه. وذلك غير جائز، وكذلك لو قضينا بأنهما وردًا معًا لقضينا بما لا سبيل لنا إلى العلم به مع تجويزنا كون أحدهما هو المتقدم وكون الآخر ناسخًا له فوجب أن يكون القضاء بأن أحدهما ناسخ للآخر أو أنهما وردا معًا قضاء بما لا يعلم ومشبهًا للقضاء بموت بعض الغرقى قبل بعض. وأن يكون حكمنا بتعارضهما بمنزلة حكمنا بموت جميع الغرقى معًا. وإنما ساغ - أيضًا - الحكم بموت جميعهم من حيث قلنا إن ذلك جائز صحيح، وأنه لا شيء يعارض القضاء بذلك ويمنع منه. وإذا قضينا بحكم الخاص على العام قضينا بشيء يعارضه حكم العام، لأنه بظاهر ينفي حكم الخاص. وكذلك لو قضينا بحكم العام على الخاص لقضينا بحكم يعارضه حكم الخاص، لأنه ينفي ذلك القدر من حكم العام بذلك الفرق بين الأمرين. وإذا لم يجز الحكم بورود الخاص والعام معًا شككنا في ذلك. وتجويز أن لا يكونا وردا كذلك ووجوب القول بتعارضهما كان منع ذلك في العامين والخاصين المتعارضين من كل وجه أولى لاستحالة ورودهما مع أنهما كذلك لا يردا إلا على وجه نسخ أحدهما لحكم الآخر، ولا طريق لنا إلى العلم بمعرفة عين الناسخ منهما والمنسوخ فنقضي بذلك، وهذا واضح لا إشكال فيه. وإنما لا يجوز أن يرد ما هذا سبيله من