فيقال لهم: إن عنيتم بهذا أنه لورد/ الخطاب المستثنى منه شيء في قصد المتكلم به من لا يصل به الاستثناء، فذلك باطل، لأنه إذا فصله من الاستثناء فقد ألزم كونه عامًا إذا لم يكن فيه استثناء، ولا هناك دليل يقوم مقامه.
وإن عنيتم به أنه قد يجوز أن يسمع المستثنى منه من لا يستتم سماع الكلام إلى آخره، ومن يصده عارض من علةٍ وغفلةٍ و (عائق) عن سماع ما يتصل به من الاستثناء، فذلك صحيح، وعلته إذا كانت الحال هذه أن يبحث عما لم يستتم سماعه وصده عارض عن استغراق سماعه أن يسأل ويبحث هل ورد معه استثناء أم لا؟ فإن علم ما استثني منه حكم به. وإن علم أنه عارٍ منه قطع على أنه لا استثناء ورد فيه، وجوز مع ذلك أن يكون في أدلة الألفاظ ووجوه الاجتهاد ما يخصصه، ويكون قائمًا مقامه لاستثناءٍ فيه المتصل به. فإن وجد ذلك حكم به، وإن فقده حكم حينئذٍ بعمومه. فسقط ما عولوا عليه.
واستدلوا - أيضًا - على ذلك بأن سماع المخاطب العام، وإن لم يسمع الخاص ليس بحكمةٍ، لأنه بمنزلة خطاب العربي بالأعجمية. وهذا باطل، لأن الأعجمية لا يعلم العربي منها شيئًا. والعربي المخاطب بعام لم يسمع قرينته يعرف أنه خطاب عام. ويجوز أن يكون مخصوصًا بما يعرفه عند الطلب، وأن لا يكون كذلك، فافترق الأمران.
فصل: فإن قيل: فلم قلتم إن الذي على سامع العموم اعتقاد جواز كونه عامًا عاريًا مما يخصه، وجواز كونه مقرنًا بما يخصه والنظر في ذلك.